أقلامهم

وليد الجاسم : مجموعة الاغلبية تدرك الفضل الكبير لاقتحام مبنى المجلس عليهم

حكم الأغلبية

وليد جاسم الجاسم 
مجموعة الاغلبية في مجلس الامة.. أو لنكن اكثر وضوحا ونقول.. قادة مجموعة الاغلبية في مجلس الامة تدرك تمام الادراك الفضل الكبير لحادثة اقتحام مبنى مجلس الامة عليهم، ويرون ان الاقتحام (الذي يقال انه كان مخططا له مسبقا) قد ساهم بشكل فعال في تهيئة الرأي العام والقرار نحو حل مجلس الامة وطرح العلاقة المتوترة بين السلطتين الى الاستفتاء الشعبي عبر انتخابات جديدة مبكرة افرزت مجلسا اشد من سابقه مثلما اراد قادة الاغلبية اليوم، ففرض هذا الواقع الجديد، واقعا جديدا على الحكومة التي تغير رئيسها وتغير سلوكها نحو «الانطباح المحمود» كما يراه ويصفه زعماء اغلبية اليوم.
ومن منطلق الاعتراف بالفضل للاقتحام والشباب المنفذين له لا يمكن لمجموعة الاغلبية الا ان تأخذ مثل هذا المنحى بإعطاء الصبغة الشرعية على الحادثة بواسطة تغيير البلاغ، وصولا الى تقديسها، وتفضيل تلك المجموعة على غيرها.
لهذا، كان طبيعيا جدا ومتوقعا ان يتجه المجلس نحو تبرئة المتهمين بالاقتحام ومنحهم «باب الخلاص» من الـ25 عاما التي وعدوا بها ايام الاغلبية القديمة..
فلا يستقيم ان يكون النواب قادة الاقتحام احرارا ابرياء يجنون ثمار الاقتحام ويشرعون القوانين التي يقضي بها القضاة.. وتتحرك ضمن نطاقها النيابة، بينما اتباعهم.. بل اصحاب الفضل والمنّة عليهم (قادة تحرك الشارع) مهددون بقضاء سنوات طويلة وراء القضبان وفقد وظائفهم وشخصياتهم الاعتبارية.
لكن الخطير في الامر والذي نتمنى على الاغلبية ضبطه ان مثل هذا الاتجاه من شأنه ان يعطي رسائل خاطئة و«يشرعن» لغة العنف والاقتحام واستسهال الهجوم على الآخرين متى خالفوهم الرأي والاتجاه، وسط اطمئنان بأن من ينتهج مثل هذا الاسلوب لن يطاله العقاب، وهو ما يجب ان يراعيه ممثلو الامة وخصوصا النواب المقتحمين.
وليعلم نواب الاغلبية ان من يزرع ثقافة العنف سوف يجني اشواكها في يوم ما اذا فكر وحاول الاستقلال برأي او موقف قد لا ترضى عنه الجموع التي تصفق له اليوم، لكنها يمكن ان تقتحم غداً داره وديوانه لإجباره على العودة إلى المسار الذي قررته ديكتاتورية الاغلبية.. والجموع المحركة لها.
ونحن نلحظ اليوم إلى أي حد غابت الفوارق التي تميز نائبا عن آخر، وتحولوا إلى ما يشبه «حطب الدامه» .. كلهم متشابهون تكاد لا تعرف الفرق الفكري أو المنهجي بين هذا وذاك، لانهم اليوم جميعاً ينقادون لفكر جمعي واحد.. فكر لا يقبل إلا أحادية الرأي، وما على النواب إلا أن يتحولوا قوالب موحدة، لا طعم مميزاً ولا لون ولا نكهة ولا استقلالية، الليبرالي المنضوي تحت لوائهم صار يشبه الإسلامي السلفي، ولا فرق بين الاثنين والقبلي الملتزم، كلهم يقولون كلاماً متشابهاً، كلهم يشبهون بعضهم البعض، وكلهم يشبهون أعضاء التكتل الشعبي، مواقفهم واحدة، تصويتهم متشابه مهما اختلفت القضايا المطروحة للنقاش، رؤاهم موحدة تماماً.
ومن يفكر في تغيير رأيه يواجه ثقافة «اطردوهم من الدواوين».. «اشتموهم».. وربما «اضربوهم» كما حدث مع أحدهم في ديوانه حيث لم ينقذه إلا سقوطه مغشياً عليه.