أقلامهم

عبد الرحمن العوضي : مسار الأمور صارت «طرطرة» … والله عيب يا جماعة

أكيد صارت «طرطرة»

د. عبد الرحمن العوضي 
كان من الصعب عليّ أن أجد عنوانا مناسبا لهذه المقالة، وقد سمعت هذه الكلمة «طرطرة» يقولها الكثيرون من أفراد المجتمع الكويتي خاصة في الدواوين، محاولين بذلك أن يعبروا عن مسار الأمور في الكويت. ولا توجد كلمة مناسبة تغطي جميع نواحي الرؤى التي وصلت إليها الأمور، فكلمة الفساد أصبحت مقبولة ولا يستغرب الناس منها، الكل يتكلم عنها، ولكن لا أحد يجرؤ على أن يضع اصبعه على هذا الفساد لأنه أصبح منتشرا في جسم المجتمع الكويتي ولا يمكن أصلا الادعاء بأننا نستطيع التخلص من الفساد حتى لو جيشنا الجيوش وسخرنا العلماء للكشف عن مصادر الفساد واقتلاعه من جذوره.
كما أن الصراع السياسي بين مجلس الأمة والحكومة قد بدأ بصورة سيئة رغم أنهم وعدونا ونحن ننتخبهم بأن يكفوا الخلاف مع الحكومة وانهم سيتفرغون للبناء والتنمية ويعطون الحكومة الجديدة فرصة نختبر فيها إمكانياتها ومصداقيتها، وذلك لفترة لا تزيد على 6 أشهر خاصة بعد أن نستمع إلى برنامج الحكومة ونحاول تطبيق هذا البرنامج مع الأولويات التي تريدها الأمة.
أما بالنسبة لبعثرة المال وتخدير الناخبين بكلام معسول فإنهم يعدونهم بمبالغ طائلة ستصرف لهم من خزينة الدولة، حتى لو استنفدوا احتياطي الأجيال القادمة، وسيبدأون ذلك بإسقاط القروض ودغدغة عواطف الناخبين من زيادة الرواتب من الموظفين حتى المتقاعدين.
وبالإضافة إلى ذلك بدأوا يصدرون مشاريع بقوانين يدعون أنهم سيعيدون بها الحشمة إلى المجتمع من خلال القانون، ونسي هؤلاء أن أهل الكويت أكثر حشمة وأكثر تمسكا بتعاليم ديننا الإسلامي السليم، والبعض منا يروجون له بالتفسيرات التي يدعون أنها من الإسلام، ولكن من يتبحر فيها يعلم أن أغلب مفاهيمهم ترجع إلى عصور الصليبيين الذين احتلوا بلادنا.
كل هذا كان مقبولا من مثل هذا المجلس، ولكن أن يقوم هذا المجلس من خلال مكتبه ويدفع رئيسه الى تغيير البلاغ الذي أرسل إلى النيابة حول اقتحام مجلس الأمة فهذا في نظري القشة التي كسرت ظهر البعير، وانفلت الناس إلى الشارع يسخرون منهم ونسي هؤلاء أن ما قام به الغوغاء بقيادة بعض أعضاء مجلس الأمة مسجل بالصوت والصورة ولو رجع هؤلاء إلى ما نشر في الصحافة لعلموا أنهم قد تجاوزوا الحدود وأصبحوا بعيدين عن أي احترام أو مصداقية من قبل الشعب.
هذا العمل منكر، والمنكر يجب أن يُقوَّم كما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم فيجب علينا أن نقف بقوة ونؤازر ما أمرنا به نبينا الكريم في مثل هذه الحالة، ويجب أن يُقوَّم هذا المنكر بأشد وسيلة ممكنة تمنعهم من التكرار.
والله عيب يا جماعة أن يحدث هذا في الكويت وفي مجلس الأمة الذي تفتخر به الكويت ويعتبره الشعب الكويتي مكسبا عظيما مقارنة بباقي شعوب المنطقة، حيث انه من قبل أعضاء المجلس تتم الرقابة الحقيقية لأعمال الحكومة وذلك بهدف المشاركة مع الحكومة وتوجيهاتها بما يحقق الأهداف النبيلة التي تخدم الأمة جميعا. والذي يرد عادة في برنامج عمل الحكومة، ويجب كذلك ألا نرهن المصالح العامة لحساب مصالح فئات نحاول كسبها لدعمنا في الانتخابات.
حرام عليكم ما تعملون، وقليل من الحياء والأخلاق في التعامل مع القرارات التي اتخذت ممن سبقوكم في المجلس، ويجب أن تكون دورات المجلس مكملة لبعضها البعض ولا يكون التصرف بهذه الصورة من العمل المشين، كالذي قامت به الغوغاء وقام به بعض اعضاء مجلس الأمة، ولكن الشعب لن يسامحهم لقيامهم بمثل هذه الخطيئة التي دنست بيت الأمة، وهي ظاهرة مشينة بالنسبة للحياة الديموقراطية.
وكان الله في عون الكويت وحفظها من أصحاب النوايا السيئة والذين لا يضمرون لها الخير. هم قادمون لكي ينهبوها ويتركوها مفلسة بدلا من ان يبقوها ويعززوا امكانياتها.