أقلامهم

محمد الجاسم: موقف السلطة من«الأسلمة» … نفاق ومزايدة السياسية

«الأسلمة»! 

محمد عبد القادر الجاسم 
شاركت قبل يومين في ملتقى الشريعة الذي تنظمه جمعية الإصلاح الاجتماعي، وكان موضوع مشاركتي أسلمة القوانين في الكويت. ومما ذكرت في تلك المشاركة:
ارتبط مفهوم «الأسلمة» في الكويت بتعديل النص القائم للمادة الثانية من الدستور وهو «دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع»، إلى «.. والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع». كما اقترن مفهوم «الأسلمة» أيضا باقتراحات تقدم بها عدد من أعضاء مجلس الأمة في فصول تشريعية سابقة، أو مطالبات في الإعلام، تدور حول فكرة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وأفكار مثل «منع الاختلاط في المؤسسات التعليمية»، ومنع فوائد البنوك. وارتبط أيضا بمطالبات في شأن تطبيق «الحدود الشرعية». وفي هذه الأيام يرتبط مفهوم «الأسلمة» باقتراح قانون «الحشمة» واقتراح تعديل المادة 79 من الدستور على نحو يقصد منه منع صدور قانون مخالف للشريعة الإسلامية.
وفي النقاش العام حول تلك الاقتراحات، تنطلق الآراء المؤيدة والداعمة لفكرة «الأسلمة» من قناعة شرعية على الأرجح في إطار فهم محدد، تخالطها تأثيرات البيئة الاجتماعية المحافظة في الكويت لدى البعض، وتربية حزبية لدى البعض الآخر.
أما الآراء المعارضة لفكرة أسلمة القوانين، فهي تنطلق من قواعد مختلفة، فهناك من يعارض مبدأ «الأسلمة» تحت تأثير فكر جاد يؤمن به يعارض تحكيم القواعد الدينية في المجتمعات. وهناك من يعارض المبدأ أيضا لكن تحت تأثير مفهوم مبتذل «لليبرالية» على أنها تعني الحرية المطلقة غير المنضبطة في السلوك الفردي والمجتمعي غير القابلة للتقيد الديني، وغالبا ما ترتبط هذه المعارضة بمواقف سياسية/ انتخابية. وهناك من يعارض الفكرة لغموضها ولاقترانها بمحاولات تكسب سياسي، في بعض الأحيان، أو لعدم جديتها في أحيان أخرى.
أما موقف السلطة من فكرة «الأسلمة»، فإنه موقف معارض لمبدأ «الأسلمة»، لكنه يتسم بالنفاق حينا وبالمزايدة السياسية في حين آخر. فالسلطة تحاول استخدام «الخطاب القرآني» في المناسبات السياسية كمظلة إما للرغبة في الاستبداد والانفراد في الرأي والقرار، أو للتقرب من الجماعات السياسية الدينية. ويتحكم في درجة اقترابها أو ابتعادها عن فكرة «الأسلمة» الحاجة السياسية.. فحين تم الانقلاب على النظام الدستوري في العام 1976، روجت السلطة لرغبتها في إصدار قانون يتضمن تطبيق «الحدود الشرعية» وطرحت مشروع قانون للنقاش العام.. أو لاستدراج الجدل بعيدا عن انقلابها على النظام الدستوري. وجاءت فكرة لجنة العمل على استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية في إطار «النفاق السياسي» للسلطة، وكمتطلب للتقرب من الجماعات السياسية الدينية.
وللموضوع بقية..