أقلامهم

فاطمةالبكر :الإضرابات «محقة» والأسلوب «ككلمة حق أريد بها باطل»

الإضرابات.. سياسة منظمة للتدمير

 فاطمة عثمان البكر 
سلسلة من الإضرابات والاعتصامات الأخيرة التي لم تشهد البلاد لها مثيلاً ضربت اقتصاد البلاد في الصميم، وتركت آثاراً مدمرة على المواطنين، أعاقت حركة المواصلات، أعنفها هو ما طال لقمة العيش من شح للمواد الغذائية، وتركت المواطنين في حالة من. الاضطرابات، وكأنه حصار اقتصادي داخلي، من دون عقوبات، من دون مسوغات أو إحساس أو عقلانية، أو تحديد لآثار تلك الخطوات المدمرة والاستياء البالغ من المواطنين الذين أصابهم في الصميم.
جاءت هذه الموجة العارمة المدمرة في أجواء تبدأ الكويت صفحة جديدة للسير في عملية التنمية وتحقيق أهدافها السامية التي كان يؤول المواطنون في دفع تلك العجلة التي أعاقتها أحداث عرقلت مسيرتها وشلتها تماماً، جاءت هذه السلسلة لتكتب في تاريخ الكويت صفحة سوداء ستبقى آثارها المدمرة لفترة ليست بيسيرة ولا قصيرة، فالأضرار كبيرة وفادحة، وفي الوقت نفسه مؤلمة، ضربت المواطن في الصميم. جاءت في ظل فرحة بزيادات مالية، وتضيف مأمولاً لكل الكوادر تشمل كل موظفي الدولة من دون إغفال الموظفين المتقاعدين أيضاً، وبدلاً من تقبل هذه الزيادات المنشودة كانت ردة فعل مخيبة، حتى أنه عصف بتلك الفرحة بتلك الزيادات، وجعل تلك الفرحة تنام خجلى في طيات تلك العاصفة العاتية، وحرمت المواطن من لقمة عيشه اليومية بلا مبرر ولا مسوغ يقبله عقل واع أو ضمير «وطني» حي أكثر وعياً.
قد تكون المطالبات من النقابات التي خططت لتلك الإضرابات «محقة»، وقد سبق أن وعدوا بتلبيتها، ولكنها بهذا الأسلوب المضطرب أصبحت «ككلمة حق أريد بها باطل»، مما أثار سخط المواطنين، وأكثر ما أساءني وجعلني أشعر بالألم سخرية أحدهم بالخارج حينما تهكم على الوضع بقوله «الكويتيون يفرضون الحصار الاقتصادي على أنفسهم»!
أين ذهب ذلك الشعور الوطني؟ أين ما شهدناه أيام الغزو الغاشم؟ هل ذهب كل ذلك أدراج الرياح، وجاء بأناس آخرين ليسوا هم الذين قاسوا مرارة تلك الكارثة الشائنة المؤلمة في تاريخ الكويت؟ هل كانت «ردة الفعل» سلبية على الأشخاص؟ تساؤلات وتساؤلات محيرة مؤلمة ومحبطة في الوقت نفسه.
ومن جهة أخرى، ورغم ما أبدت الحكومة من بداية صفحة جديدة النية، فإن تلك الإضرابات كشفت عن خلل في سياسة الحكومة في مواجهة الأزمات، وقصور واضح من فراغ في إعداد خطط لمواجهة الأزمات، من أن تكون هناك «خطة طوارئ» تعد إعداداً، تكون مستعدة وجاهزة في ما لو حدث مثل تلك الأزمات، لا سيما أننا نعيش في أجواء دولية وخارجية عاصفة وغير مستقرة، ورب ضارة نافعة، وهذا جرس إنذار للبدء في الإعداد المبكر لمثل تلك المواقف ومواجهتها مسبقاً.
ينبغي الحزم والعزم والعدل وتطبيق القانون، فنحن لا نعيش في غابة، كل يتصرف كما يشاء، ومتى شاء، وأينما شاء، ومن أي موقع كان، ينبغي أن تكون الأمور واضحة وحاسمة ومحسومة من دون تسويف أو وعود لا تتحقق، حتى يواجه كل فرد من موقعه من دون أن ينقاد كما يقاد القطيع إلى موقف يصنعه في موقف الشدة والريبة، حتى يفقد الكل الثقة بالكل، ولا يبقى في النهاية إلا ظلال الشكوك وفقدان الثقة وتلك هي الطامة الكبرى!
أحيي موقف الشيخة أمثال الجابر الأحمد الصباح رئيسة المركز التطوعي لوقفتها الوطنية الرائعة، لتقوم بدورها الوطني الكبير في فزعتها الوطنية الإنسانية وإعداد المتطوعين، ليقوموا بدورهم التطوعي في الوقت المناسب، وقد أثبتت وطنيتها قولاً وفعلاً، لا شعاراً ولا زيفاً، وهذا الموقف الوطني المعهود ترجم على أرض الواقع في الظرف المناسب، أسقط الشعارات والأقنعة المزيفة!