أقلامهم

سلـوى الجسـار: بلا رؤية وبلا خطة ؟

وثيقة وطنية لصناعة المواطنة

د.سلـوى الجسـار 
نعيش في عهد تراجعت فيه قيم المواطنة في وقت تنادي اغلب دول العالم بالمواطنة، والتربية لأجل المواطنة.. حيث تناضل الشعوب المختلفة من أجل الديموقراطية وترسيخ مبادئها والعمل على المحافظة عليها لأجل المواطنة.
الا اننا في الكويت مع الأسف ديموقراطيتنا أصبحت مهددة بسبب الاختلافات وصعوبة التعايش الديموقراطي بين مختلف التيارات والتوجهات والأفراد والجماعات وهذا ما نراه في الواقع القائم وسلوك بعض أعضاء مجلس الأمة في «بيت الديموقراطية» وصعوبة تقبل الآخر وانحراف مسار ومفهوم الثقافة الوطنية عند كثير من الأفراد.. 
ان التحول الثقافي والاجتماعي يؤثر في سلوك الأفراد بسبب اختلاف معايير القيم وقواعد السلوك ويؤدي الى تفكك العلاقات الاجتماعية وتتداخل المصالح الخاصة بالعامة وانتشار ظاهرة اللامبالاة والعنف والكراهية.لقد بات من الصعب المحافظة على الوحدة الوطنية في ظل ديموقراطية عوجاء ومنقوصة بعيده عن احترام الرأي الآخر وغير مبنية على العدالة والمساواة.لقد أصبحت النعم التي وهبنا الله بها، والرفاهية الزائدة التي نتشدق بها، والحرية اللامتناهيه مع الأسف من الأسباب التي تهدد الديموقراطية والتشبث بها.
ان اعداد المواطن الصالح في ظل الظروف الراهنة والأوضاع غير المستقرة أصبح واجباً وطنياً وأمراً ملحاً تشارك به الأسرة والمدرسة والاعلام والمجتمع المدني ومؤسسات المجتمع.. الا ان المفارقة الملموسة والمحسوسة وجود هوة كبيرة بين دور الأسرة وثقافتها في اعداد النشء، والمدرسة في تربية وتعليم الأبناء، والاعلام ودوره في بناء ثقافة المجتمع وتعديل توجهاتهم، والمجتمع المدني في احتواء الأفراد وتوجيههم نحو حب الوطن والعمل لأجله.جهود كثيرة ومبعثرة غير منسجمة وكل يعمل بمفرده لأجل الكويت ومستقبلها.. 
جهود بلا رؤية وبلا خطة.لأجل الكويت نحن بحاجة الى وثيقة وطنية لتحقيق المواطنة الصالحة.. وثيقة تركز على استثمار العنصر البشري واعداد المواطن الصالح بتزويده بالمعلومات واكسابه المهارات وتنمية الاتجاهات والقيم لديه.. وثيقة تركز على تزويد الفرد بالثقافات المتعددة السياسية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية والدينية والتربوية والأخلاقية.. وثيقة تركز على الولاء والانتماء والهوية الوطنية.. .وثيقة تركز على تنمية قدرة الفرد على الحوار وتكسبه فن الاستماع واحترام التعددية بمختلف توجهاتها وآرائها في المجتمع.وثيقة تدفع بالتقارب الوطني والتناغم بين مؤسسات المجتمع واجتثاث الفساد المستشري بداخلها وتطوير أنظمتها وخططها وبرامجها.
ان الظروف التي تعيشها دولة الكويت والتحديات التي تعصف بها من الداخل والخارج تحتاج الى التفكير ملياً في وضعنا الحالي وحاجتنا الى توحيد الرؤى الوطنية، والارتقاء بالحوار الفكري البناء بين الأفراد والجماعات ومواجهة الظواهر السلبية والاختلافات في التوجهات والاتجاهات.
 
ولعل التعليم إحدى الركائز الأساسية التي يجب ان تشملها الوثيقة الوطنية في اعداد الفرد للمواطنة الصالحة، فيجب مراجعة الأنظمة التربوية والتعليمية مراجعة شاملة وجذرية والعمل على تحديث التعليم وجودته وربطه بالاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية، لاعداد أفراد قادرين على اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية وحل المشكلات والمساهمة الفعَّالة في المجتمع.