أقلامهم

ظاري الشمالي: يخاف من الحرية لضعف فهمه للدين…ولقلة ثقته ببضاعته

نعم الحريات والمواطنة أولاً

ظاري جاسم الشمالي
الظاهر أن بعض «المطوعين» عندنا لم يقرأ جيدا قوله تعالى: «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى…» اما لأنه يخاف من الحرية لضعف فهمه للدين، ولقلة ثقته ببضاعته، أو لانه يفهم السلطة بشكلها المتعسف فقط، المهم أن الإسلام الحنيف في كتابه المنزَّل، يصرح بأن الاكراه في العقيدة ليس من الدين، وكل من احتاج الى اكراه ليفرض رأيه فهو ضعيف من الداخل ويحتاج الى قوة تسانده من الخارج، وحاشا لله أن يكون دينه كذلك.
الآية كانت موضوعا لأبحاث معمقة في موقف الإسلام من الحرية، ولكن سياقها يفيد أن الإنسان اذا حرر فكره وابتعد عن الهوى وتدبر في ايات الله التدوينية والتكوينية، فسيكفر بالطاغوت ويؤمن بالله عن قناعة وايمان داخلي ولذلك فإن ارتباطه بما أنزل الله سبحانه يكون ثابتا ومتينا لا يهتز بسبب متانة الفكر المبني على القناعة لا على الاكراه وهذا هو الاستمساك بالعروة الوثقى، والطاغوت ما هو الا سلطة شخص او مؤسسة تريد أن تلغي الفكر والإرادة وتفرض ما يناسبها ويناسب مصالحها عن طريق الغاء الآخر أو اقصائه أو تحجيمه، وكل اكراه هو سلوك طاغوتي ولو تمترس بأفهام محدودة للدين.
من نعم الله علينا هذه الأيام ظهور مفكرين اسلاميين كالدكتور طارق سويدان وغيره من الرواد الذين يدافعون عن الحرية من منطلق اسلامي أصيل، ووصول بعض نوابنا الإسلاميين الى فكرة التفريق بين الدين وفهم الدين، فالفهم البشري قابل للنقاش دائما وإن كان الدين مقدسا في نصوصه ومصادره، وهذا ما خبرناه في تاريخ الاجتهاد عند المسلمين، وهذا ما ينبغي ان تسلط الأضواء عليه هذه الأيام لتتصالح الأفهام مع حقيقة الاسلام وتحول هذه النعمة الالهية الى دواء لأدوائنا وشفاء لعقولنا وأرواحنا.
فلن يكون مقبولا بعد اليوم أن يتم فرض بعض أفكار التيارات الاسلامية بطرق طاغوتية استبدادية، ولا تعارض بين جوهر الدين وقيمة الحرية وسلوك المواطنة كما طوره الفكر السياسي الحديث، وما حدث مع المنظمين للقاء النهضوي يعتبر مؤشراً سيئاً لاتجاه الأمور في ظل أغلبية استفادت من الحرية لنفسها ثم ضغطت لمنعها عن غيرها.