وجاء خريف الإخوان المسلمين
باسل الجاسر
الربيع العربي جاء وفتح الباب واسعا لدخول حركة الاخوان المسلمين العالمية للمسارح السياسية بالأقطار العربية المختلفة وها قد رأينا حزب النهضة وهو فرع لحركة الاخوان المسلمين العالمية في تونس يتقدم الانتخابات التونسية كما هو الحال في مصر وقد يتقدم فرع الحركة في ليبيا بعد حين وغيرها من البلاد العربية وهذا التقدم المبدئي رآه بعض كتابهم ومفكريهم هنا وفي بعض الاقطار العربية بأن الإخوان يعيشون ربيعهم السياسي، وأنا أراه خريفهم الحتمي، ذلك أن هذه الحركة تتمتع بإمكانيات مهولة وضخمة جدا، منها ما هو مادي توفره لها القيادة العامة ومنها ما هو معنوي توفره أدبيات الحركة، فهي دينية تمتطي الدين لتحقيق أهدافها، وهذا له تأثير بالغ على المجتمعات الإسلامية، كما أن مبدأهم الرئيسي والقاضي بأن الغاية تبرر الوسيلة يسهل عملية التقدم المبدئي فمن الممكن إرضاء الكل في مرحلة معينة ولو بالكذب لحين التمكن.
وعليه فإننا وجدنا حملة انتخابية وإعلامية عظيمة في تونس كان أهم مرتكزاتها احتواء الفقراء والإغداق عليهم والاستخدام العالي ومن دون حدود لدين الله هذا بالاضافة إلى التطمينات التي قالها قائدهم في تونس السيد راشد الغنوشي الذي قال بأن حركة النهضة لن تمنع المايوه ولا الخمر كما أنهم لن يقوموا بإقصاء أحد وإمعانا في إراحة جمهور الناخبين فقد أتوا بإحدى المرشحات وضموها لقوائمهم الانتخابية من السافرات؟ إلا أنهم بمجرد اعلان النتائج وفوز قائمة العارضة التي يقودها الحامدي الهاشمي والتي حققت المركز الثاني ما شكل مفاجأة للقوى السياسية هناك فأعلن رئيس قائمة النهضة في سيدي بوزيد أن النهضة لن تتحالف مع العارضة تحت أي ظرف، ما جعل مفوضية الانتخابات تتدخل على عجل وتقصي ثمانية أو تسعة من مرشحي قائمة العارضة الناجحين لتتراجع العارضة إلى المركز الثالث أو الرابع تحت ذريعة صلتهم بالحزب الحاكم قبل الثورة وهذه كانت ستكون مقبولة لو كان هذا الاقصاء قبل الانتخابات أما بعد النجاح فإنه يثير الشبهات والشكوك؟
وحقيقة الأمر أن النجاح في الانتخابات ليس بمستغرب على أي كان، خصوصا إذا امتلك المال والإعلام وهامشا واسعا للمناورة والقدرة على الكذب، بيد أن هذا النجاح سيعجل بساعة الحقيقة وسيضع المصداقية على المحك وأمام الجماهير التي تنتظر تطابق الأقوال الانتخابية مع الافعال التشريعية وتحقيق الرفاه لشعب عاني ولا يزال يعاني الحاجة والعوز وكل هذا أمام الجماهير التي تراقب، علما بأن هذه الجماهير قد لا تملك الوعي الكافي للتمييز بين الغث والسمين إلا أنها جماهير جريئة تمكنت للتو من إقصاء أحد أعتى الطغاة ولن تعجزهم حركة النهضة ولا غنوشيها الذي شعر بالمسؤولية وتراجع الاستثمارات الاجنبية في تونس فذهب لأميركا على عجل مناشدا «أيباك» وقادتها (أيباك هو أكبر وأهم تجمع يهودي داعم لإسرائيل في أميركا بل هو رأس الحربة للوبي اليهودي هناك) مطمئنا وطالبا العون لإعادة الاستثمارات الغربية الى تونس، لأنه يعي بأنهم لن يتمكنوا من أعادة حكاية حماس في غزة التي وصلت للحكم عبر صناديق الانتخاب ولا زالت تتشبث بالسلطة وترفض الانتخابات وتحكم الآن بالحديد والنار.
فغزة تحت الاحتلال ومغلقة بخلاف تونس ومصر وسورية وليبيا، ومع ذلك فإن حماس فقدت كل شعبيتها في غزة ولم يبق لها سوى قوى الامن الذين يدينون بالولاء لها بسبب ما تغدق عليهم من أموال الشعب الإيراني المسكين، من هنا أقول بأن تولي الإخوان المسلمين للسلطة في تونس ومصر وقد يكون في ليبيا وسورية سيؤدي الى إنهائهم والقضاء على هذا الفكر المتخلف فمن السهل أن تنظر لحكم رشيد وصالح، ولكن الصعب الذي يقارب المحال هو التطبيق على الارض خصوصا عندما يكون الشعب متمردا على الظلم والقهر والطغيان كشعوب تونس ومصر وليبيا وسورية، وهذا ما يجب أن يعيه ويدركه الكويتيون الذين يعيشون في خير ونعمة وفضل من الله الذي تفضل وأنعم فلا تسمحوا باستبدال الخبيث الذي ثبت خبثه في غزة والسودان بالطيب الذي خبرتموه وتمتعوا بجهوده وحلمه.. فهل من مدكر؟
أضف تعليق