أقلامهم

صالح الشايجي: الكويتي بطل اختراق القوانين…ممكن «تولّع» لي!

انتحار كاتب محترم

صالح الشايجي
تاجان بلا رأس
لست بالناقد الأديب المؤدب المهذب العارف بأصول النقد وخطوطه وتفاصيله الدقيقة، ولكن من حقي كقارئ أن أعبر سلبا أو إيجابا..مدحا أو قدحا..عن محتوى ما أقرأه..تعبيرا لا يستند إلى قواعد النقد التي يعرفها النقاد وأفنوا أعمارهم في دراستها والتحويم حول قواعدها والغوص في فنونها وتجريب مدارسها ومتابعة جديدها..بل هي انطباعات شخصية أسجلها تعليقا على ما أقرأ وقد أفلح وقد أخفق وقد أجنح جنوحا وأشط شططا بعيدا.
أقول هذا وأسوق تلك المقدمة الواجبة الترصيع والتدبيج إبراء للذمة..وحتى لا أوقع من أكتب عنه في دائرة ظلمي له ولما كتبه ولما قرأته مما كتب..فما ذلك الذي أكتبه إلا انطباعات شخصية مجردة.. لا تخضع لقواعد النقد التي يعرفها أهل النقد وأصحاب الاختصاص.
***
أكتب اليوم عن آخر رواية كتبها المبدع يوسف زيدان وهي رواية «محال».. والتي أرى أنها نزعت عن صاحبها «زيدان» تاجيه.. تاج «عزازيل» وتاج «النبطي»..
شخصية أو هوية يوسف زيدان الأدبية.. تشكلت من خيوط إبداعه في مزج حقائق التاريخ بالخيال الروائي الخلّاق..وذلك ما كانت عليه روايتاه «عزازيل» و«النبطي»..وتوظيفه إمكاناته وقدراته ومعارفه بتعاريج التاريخ ومنعرجاته وتعرجاته والتواءاته.. في حبكه الروائي الجميل ليكون الناتج عملا روائيا وإبداعيا عالي القيمة ورفيع المستوى وغنيا بالمعلومة.
ذلك ما كان عليه زيدان في روايتيه السابقتين «عزازيل» و«النبطي»..ولكنه في روايته الجديدة «محال» خلع عنه تلك الحلة القشيبة المزركشة وغير المتوافرة في سوق الرواية ولا في دكاكين الروائيين.. ليرتدي بدلة مما ترتديه عامة الروائيين وما تبيعه الأسواق برخص التراب وما يعرض على عربات الباعة الجائلين وتنادي عليه ألسنتهم لتسويقه بين الدهماء والسوقة والرعاع وبيعه على من ضاقت أيديهم عن نيل الغالي والنفيس.. ومن ألجأتهم الـحــاجة إلى شراء الرخيص والبالي!
هكذا بدا لي يوسف زيدان بروايته «محال» والتي سار فيها سير الأولين والحكائين والحكاءات من نمط الجدات اللواتي يهدلن بألسنتهن هدل الحمائم لتنويم الصغار بالحكي الذي يزيد غفلة الأطفال ويأخذهم إلى النوم السريع!
***
تقوم الرواية على قصة مرشد سياحي مصري الأم سوداني الأب يعمل في «أسوان» المكتنزة بالآثار والواقعة في الجنوب المصري.. والتي يتقاطر عليها السياح الأجانب محبو الآثار وما اندثر من أزمنة وبقيت لها شواهد على الأرض.
ويتعرّض المرشد الشاب الأسمر لبعض الإغواءات والإغراءات من قبل بعض النسوة السائحات الأجنبيات ممن ولّى بهن الدهر وشرب عليهن من جداول النسيان ما أطفأ ظمأه منهن، ولكن الشاب المتربي الملتزم بخطوط الحلال والحرام يأبى المعصية ويرفض الوقوع في حبائل الحرام..إلى أن يقع في حب «نورة» الطالبة الإسكندرانية التي جاءت إلى أسوان ضمن رحلة جامعية جماعية تضم عديدا من طلبة وطالبات!
يغرم الاثنان ببعضهما ليجعل الشاب الإسكندرية وطنا ثانيا له يحج إليها كلما هاجت به نيران الحب وكوته جمراتها.. حتى يقعا بالمحظور متكئين على عزمهما الارتباط الزوجي.. ولكن ودون الدخول في التفاصيل «جرت رياحهما بما لا تشتهي سفنهما» فلا يتحقق الارتباط الشرعي وتفرق بينهما الأيام!
***
لست بصدد سرد تفاصيل الرواية ولكن قصدت تبيان الفبركة وليّ الأحداث بصورة درامية مفتعلة.. كالتي نراها في الأفلام والمسلسلات العربية..لآتي سريعا على بيت قصيد الرواية «الزيدانية»…. فالراوي زيدان يُنقّل بطله من مكان إلى مكان.. «أسوان..السودان..الإسكندرية..الدوحة القطرية.. إمارة الشارقة..أبوظبي..أوزبكستان..باكستان..أفغانستان..وأخيرا «غوانتانامو»..
***
تسلسل أحداث الرواية ساذج وسطحي وفج ومفبرك ومفتعل وما يفضح ذلك ويكشفه تضمين الرواية موقفا سياسيا شارعيا وغير ناضج ولا هو واع لكاتبها وتحويلها لتكون أقرب شيء لنشرة أخبار في القنوات العربية الإخبارية التحريضية..وتجلّى ذلك في وصفه لعمليات التعذيب للـ «مجاهدين» التي تقوم بها القوات الأميركية في سجن «باغرام» الأفغاني.. وهو تعذيب خيالي صب فيه الكاتب كرهه لأميركا مجاراة لغوغائية الشارع العربي.. ولمصلحة الأنظمة الديكتاتورية مثل نظام طالبان المتخلف! ليتحول الروائي الكبير إلى راو وشاهد عيان مثل الذين نراهم في اللقاءات التلفزيونية والذين يخلطون الواقع القليل بالخيال الكثير وحسب ما تطلبه القناة من ضيفها الراوي ومع زيادة في البهارات والملح من أجل التشويق والتسويق وحصد الإعلانات!
وهذا ما فعله يوسف زيدان بالضبط في روايته «محال»..فشأنه قي روايته شأن ذلك الضيف الممهور بخاتم الكذب والتشويق تحت ذريعة أنه شاهد عيان.
***
ومما يؤسفني أنا شخصيا وبالتأكيد يؤسف جميع قراء زيدان ومحبيه أن يساوي نفسه بذلك الشاهد أو أولئك الشهود المزورين الذين نراهم في الفضائيات يروون قصصا و«حواديت» أعدتها لهم الفضائية التي تستضيفهم ليخرجوا هم على العالم ويرووها على اعتبار أنها شهادتهم ومعاينتهم هم..وهذا ما قلل من شأن الرواية «الإخبارية» وكذلك من شأن كاتبها يوسف زيدان الذي أعتبره قد انتحر أدبيا وإنسانيا من خلال هذه الرواية «محال»! ويبدو أن محبرة زيدان قد جفت..وأن زيت سراجه قد نفد فانطفأ السراج..وأوقد نار الحسرات عليه!
فكيف يتكلم من في «فيه» دم؟!
مادام الجيــش الســـوري على هذه الـــدرجــة مـــن الوحــشية والدموية واللاإنـــسانية ويـــملك كل هذه القدرات القتالية المتوحشة، فلماذا لم تستغله حكومته وعلى مدى أكثر من أربعين عاما ليحرر جبلا سوريا اسمه الجولان وتحتله إسرائيل منذ خمسة وأربعين عاما؟!
فما رأيناه من وحشية وقسوة وغلظة تمكّن هذا الجيش العرمرم من تحرير ـ لا الجولان وحسب ـ بل جميع أراضي 48 وغزة والضفة وربما لواء الإسكندرونة والجزر الإماراتية وإقليم الأحواز العربي المحتل من قبل إيران!
وذلك لأن الجيش القادر على سحق شعبه بمثل هذه الصورة الوحشية التي يقوم بها الجيش السوري ضد السوريين في مختلف الأراضي السورية والتي تمثلت بانعدام الضمير وفقدان الحس الإنساني لدى أفراده وقادته العسكريين والسياسيين، مثل هذا الجيش هو بالتأكيد سيكون أقوى وأشد فتكا لو حارب أعداءه ومحتلي أرضه، فالجيش ـ الذي يمكنه ذبح أطفال بلاده بالسكاكين وحز رؤوسهم وبقر بطون الحوامل واغتصاب نساء بلده ـ لاشك في أن أقوى الجيوش ستستسلم أمامه وتخضع وتركع وتترك له الجمل بما حمل!
فلماذا تأخر بشار الأسد على شن الحرب على أعدائه طوال اثني عشر عاما هي مدة حكمه..ولماذا تأخر والده ـ من قبله ـ وعلى مدى ثلاثين عاما عن محاربة إسرائيل.. وهما يمتلكان مثل هذا الجيش الوحشي العرمرمي بوحشيته وقسوته وفظاعاته؟ والذي أنا على يقين من أن الجيش الإسرائيلي لا يتمتع حتى بالقدر القليل والنزر اليسير مما يتمتع به الجيش السوري من وحشية وقدرة على الفتك!
سؤال بالتأكيد جال في أذهان كل من يتابعون مجريات الدم السوري والأحداث الإجرامية والفظائع التي يرتكبها هذا الجيش، ولكن مشكلة هذا السؤال أن الجميع يسألونه دون أن يجيب عنه أحد.. رغم أن الإجابة سهلة ولكن المسؤول ممتنع عن الإجابة لأن في «فيه ماء»..أو ربما في فيه «دم»..فكيف يجيب من كان في فيه «دم» ؟!

ممكن «تولّع» لي!
أضحكني ـ مثل ما أضحك غيري ـ ما قيل عن نية الحكومة تطبيق قانون منع التدخين في الأماكن المغلقة والمقاهي والمجمعات التجارية..أما سبب الضحك فهو يقيني بعجز الحكومة عن تطبيق مثل هذا القانون أسوة بما حدث مع قانون النظافة الذي مات أثناء الحمل وهو جنين في بطن أمه لذلك لا يتذكره أحد..
حكومتنا شاطرة بإصدار القوانين، ولكنها راسبة في التطبيق وتقدم ورقة الامتحان بيضاء مثل قلوب خصومها..
الكويتي الحديث تربى على سياسة خرق القانون وتحديه لا على احترام القانون والانصياع له..إنه يستمد قوته من خلال تحدي القانون..ويؤكد مواطنته وشرعيته الكويتية بدوس القانون..
والحكومة التي تريد تطبيق منع التدخين «موديل 2012» عليها قبل أن تشرع بالحكي عنه وقبل الإعلان عن ساحاته وميادينه..عليها أن تقوم بجولة مزفوفة محفوفة في أرجاء مطارها الدولي..لترى وتشاهد وتقرأ اللافتات المرفوعة على حوائطه وجدرانه وكل باب من أبوابه.. والتي تنص على قول واحد وحيد «التدخين ممنوع»..أو حسب الخطأ الشائع والذي لا تقوى الحكومة على مخالفته «ممنوع التدخين»..لترى في جولتها..شرطتها ورجال أمنها المنوط بهم تطبيق القانون وافتراس مخالفيه..لترى ـ أنهم هم قبل غيرهم ـ من يقومون بالتدخين تحت لافتة تعلو رؤوسهم وتنص على منع التدخين..وهذا الأمر بالتأكيد شجع العامة على انتهاك قانون منع التدخين..
والكويتيون ـ كما هو معروف ـ يحرزون دائما المراكز الأولى في اختراق القانون و«النون وما يعلمون..»..
والوحيدون الملتزمون بمنع التدخين في المطار ـ وحسب مشاهداتي ـ هم اخواننا الوافدون من عرب وأجانب.. ولكن الكويتي يصعب عليه أن يلتزم مثلهم حتى لا يعرض نفسه لشبهة أنه غير كويتي، أو أنه كويتي خواف يلتزم بالقانون..مسكين!