أقلامهم

سلوى الجسار: هنا تكمن الخطورة

التربية والسياسة 

د.سلـوى الجسـار
التربية أساس نجاح الأمم، ولا تنشئة سياسية بدون تربية لأن الانسان هو محور العملية السياسية، والتربية والتعليم أساس بناء الانسان وفق منظومة مرتبطة بالتنشئة السياسية لتحقيق الأهداف التربوية التي تخضع الى اشراف الدولة من خلال رسم السياسات العامة والتي منها السياسات التربوية.اي ان السياسات التربوية مشتقة من السياسات العامة للدولة.ان الهدف من التعليم هو تحقيق السياسات العامة وهذا ما يوضحه الهدف الشامل للتعليم.
وما يترجم الهدف الشامل للتعليم هو الأهداف التعليمية في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية.لقد ركز أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله في خطابه السياسي عند افتتاح الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة على العديد من العبارات والمفردات الهامة ومنها (الفتنة، المحافظة على الديموقراطية، انتهاك القانون، استقرار الوطن، تحديات وأخطار، الوحدة الوطنية، مكافحة الفساد، أمن الوطن وصيانة ثوابته، المناهج الدراسية، احترام الدستور، الاعتدال، مصلحة الكويت، ….).
ان الخطاب السامي لسموه مستمد من السياسة العامة للدولة، وما أشار له سموه في الخطاب يوضح ويؤكد على تعزيز أمن الوطن واستقراره وتعزيز القيم الوطنية لأجل الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات والأخطار من خلال احترام الدستور وقوانين الدولة، وهذا جميعه لابد ان يتحقق في ترجمة سياستنا التربوية الى أهداف تربوية مرنة، ديناميكية التطبيق، اجرائية التنفيذ، متطورة وفق المتغيرات المعاصرة والأحداث المختلفة.وعليه يجب ألا ينسلخ التعليم عن مجريات الأحداث الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها.وهذا يوضح مدى ارتباط العلاقة ما بين التربية والسياسة.فالتعليم يعد الطالب للتكيف مع المجتمع والاندماج فيه بتزويده بجميع مقومات النجاح ومنها قيم المواطنة بهدف تحقيق الولاء والانتماء للوطن.فاذا ما شعر الفرد بانتمائه وولائه ينتج الشعور لديه بالحب والمساهمة الايجابية وبذل الجهد والاخلاص نحو النهوض بالوطن والخوف عليه.
ان العلاقة ما بين التربية والسياسة وطيدة ويجب ألا تغفل عنها الدولة، فسياستنا التربوية اذا تم توجيهها وموّرست الضغوط عليها بواسطة جماعات أو تكتلات أو أفراد بغية تحقيق مصالحهم وأهدافهم وأجنداتهم السياسية تأخر التعليم وانحرفت أهدافه وأصبح أداة لتحقيق غاية، وأصبحت المناهج والتدريس والأنشطة والأدوات التعليمية تهدف الى التأثير على الطلبة واكسابهم العديد من القيم لتحقيق غايات خاصة.
ان التربية والسياسة عنصران هامان فاذا كانت العلاقة بينهما ايجابية أثر ذلك ايجاباً على السياسة العامة للدولة، والا سوف ينحرف المسار اذا سُيس التعليم لتحقيق أهداف معينة غير مبالين بالمصلحة العامة، وهذا ما يخوفنا اذا ما استجاب التعليم للضغوط الموجهة وهنا تكمن الخطورة.
ان اختيار القائمين على صناعة القرارات التعليمية واتخاذها ليس بالأمر السهل، ان كثيرا من الدول سقطت بسبب انحراف التعليم عن مساره، كما ان هناك دولا تشافت من أزمتها بحسن تعليم أبنائها.ان اختيار التربويين لبناء المناهج وتأليفها وتدريسها يحتاج الى الكثير من الرعاية والعناية، فما يُدّرس لأولادنا ويغرس في عقولهم ويترجم ذلك بأدائهم يعتبر حصيلة جهود التربويين في اعداد المناهج.فاذا صلحت المناهج والقائمون عليها أدى ذلك الى الصلاح والاصلاح وتخْريج أجيال أسوياء ذوي خلفية علمية وسلوك قويم، جيل مسؤول عن الوطن يكون قادراً على الارتقاء به مخلصا في الدفاع عنه.فالحرص كل الحرص على تنشئة الأجيال وفق منظومة السياسة العامة للدولة بعيداً عن الأهواء والتوجهات والله المستعان.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.