أقلامهم

نواف الفزيع: مشكلة المشاكل في ديموقراطيتنا المزعومة

مشكلة المشاكل

المحامي نواف سليمان الفزيع
على وزن اسئلة الاسئلة والذي خصينا في وصفه سؤال النائب أحمد السعدون عن ايداعات المبالغ المترتبة عن بيع النفط وما اعتبرناه في هذا السؤال من فصل محوري يشكل اهم معركة سياسية يخوضها رئيس مجلس الامة، معركة نراها تستحق ان تكون الكويت كلها ساحة ارادة نأتي اليوم على وصف مقارب نقول عنه انه مشكلة المشاكل في ديموقراطيتنا المزعومة.
بطبعنا تستغرقنا كما سبق ان قلنا شؤون الخارج اكثر من الداخل ومن ضمن المتابعة مراقبة آلية عمل بعض الحكومات الرئيسية في العالم.
الرئيسية تسري ايضا على الاقل في الجانب الديموقراطي من العالم في تفاصيل مشتركة بالآلية، أولها وأهمها موضوع تداول السلطة.
اذ ان كل انتخابات في العالم تسفر عن هدف رئيسي، اغلبية تمسك زمام الادارة واقلية تمسك زمام المراقبة والتقويم وشارع سياسي يراقب الاثنين لينتهي بواحدة من النتيجتين، اما استمرار الاغلبية في الحكومة أو اسقاطها والاتيان بالاقلية المعارضة بعد ان تصبح اغلبية.
هذا هو المعنى الرئيسي والمحوري والذي ينطلق منه لفظ معارضة.
اذ ان عمل المعارضة الرئيسي يرتكز على ان تعود للسلطة من خلال محاولة كشفها لأي اخلال للسلطة التنفيذية والممثلة بمجموعة اخرى منتخبة من الناس صاروا الاغلبية في البرلمان واصبح لهم الحق في ان يكونوا الحكومة.
ليس هناك معارضة للمعارضة بل هناك معارضة للمراقبة من اجل العودة لكراسي الحكومة من جديد.
في الكويت الواقع الدستوري فرض ان تكون هناك معارضة للمعارضة.
الحكومة دستوريا غير ملتزمة بأن تشكل اغلبيتها من البرلمان.
نظام الانتخابات فردى ولا يسمح بعمل جماعي تنظيمي الا في نزر يسير.
لهذا الامر لا تفرح المعارضة بأغلبيتها لأنها لن تستطيع ان تحقق اهدافها لعدة اسباب.
السبب الاول: المعارضة لا تتشكل من توافق افكار اشخاص بل من مجاميع سياسية وفي نظرة بسيطة للاغلبية المعارضة نرى انها تتشكل من اغلبية تدعي انها مستقلة ولا تتبع أي تنظيم سياسي من التنظيمات أو التكتلات السياسية الموجودة.
هؤلاء المستقلون يتبنون قناعات فردية لا يمكن توقع ان تنسجم في كل مرة على رأي واحد.
السبب الثاني: مثاله في جامعة جابر وعبر عنه بصراحة وامتعاض النائب فيصل اليحيى حين وصف ان قانون جامعة جابر بمثابة عمل تنفيذي كان المفترض ألا يكون من اختصاص مجلس الامة لكن تأخر حكومات في تنفيذه جعلنا نضطر لتشريعه.
لو كانت الاغلبية مشاركة في الحكومة هل كان هذا الامر سيستقيم؟
وهل سيضطرون لتشريع كل عمل تنفيذي كمحاولة التفاف على واقع عدم تشكل الحكومة في اغلبيتهم؟
بالطبع نحن نرى ان الاسرة الحاكمة يجب ان يكون لها نصيب من الوزارة وهي مرحلة مهمة لتهيئة عدد منهم قد يكون مرشحاً لمناصب عليا في مرحلة مستقبلية.
لكن ما المانع لو كانت باقي الحكومة من غير وزارات السيادة لنواب المجلس الممثلين للاغلبية؟
سوف يكون للفريقين (الاغلبية والاقلية) فرصة لاثبات موقفيهما والتقييم للشارع.
حكومة ما بعد التحرير كان فيها من هذا الشيء لكن المؤامرات السياسية التي تريد السيطرة على المال العام حالت دون تكملة التجربة.
اليوم نحن نرى وبكل واقعية ان الوضع الحالي لن يؤدي الا لحالة شلل سياسي لن ينتهي أو يتوقف.
الديموقراطية ليست (مكياج) نجمل فيه وجه استبداد وليست (محلاً) نختار منه بضاعة ونترك اخرى.
الديموقراطية اعتراف قولي وفعلي بالمشاركة في ادارة شؤون البلد.
لا نعزل عن ذلك ظروف كل بلد على حدة، والتدرج في تعميق المشاركة، لكننا اليوم لا نرى هذا للاسف، الا اننا في موقعنا الذي توقف عنده اول مجلس برلماني لنفس المشاكل ونفس العثرات و50 سنة مرت فهل ننتظر اخرى حتى نعي؟ وحتى لا يكون الحل فرضاً لا خياراً؟