نهار
د. عبد الله الهاجري
نهار هو أحد أصغر مقاوم اثناء الغزو العراقي الغاشم، ضحى بمستقبله وعائلته بل ونفسه دفاعا وحماية لتراب هذه الارض الطيبة، صدرت ضده عدة أحكام بإعدامه بعد ان اذاق العراقيين الكثير من أعماله البطولية ولم يسأل عن تكريم أو مكافأة لأنه كان يؤمن أن ذلك واجبه تجاه وطنه الكويت.
واليوم ولأن الغيرة على وطنه تتملكه ولا يرضى لها تدنيس أو أن توصم بأنها سكتت على إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تعرض لها تافه مريض النفس والهوى مختل، رأينا نهارا يثور وينتفض غضبة لعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا المقاوم لم يتحمل صدره ولا كرامته أن يرى عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعتدى عليه فمثلما حمل السلاح ليدافع عن عرض الكويت إبان الغزو هب منتفضا لكي يقف وقفة احتجاج وذود عن كرامة الرسول في ساحة الارادة مع بقية أبناء وشباب الكويت، لكن وفيما يبدو وبدلا من ان يكرم تكريم الأبطال رأيناه يحبس في وطنه 21 يوما كأنه احد المجرمين او الخونة بتهمة إحراق علم دولة صديقة!!!
إننا نتساءل لماذا لم نر هذا الحماس الحكومي فيمن عمل وما زال يعمل لشق صف الوحدة الوطنية وشكك في أبناء القبائل وولائهم لوطنهم الكويت، بل لم يتورع بعض هؤلاء في وصف أبناء القبائل بأبشع الصفات وأغربها، و لم تتحرك الحكومة لتحاسبه او حتى توقفه، بل لم يتحرك حماة الأمن وجهابذة الداخلية لرفع قضية في تعديه على الوحدة الداخلية أو التعرض لثوابت الوطن ومحاولة بث الفرقة والتعصب بين أبنائه.
إننا وطوال ما يقارب 3 سنوات ووحدتنا الداخلية تتعرض للمزيد من الطعنات والضربات ولا أحد يتحرك لوقف هؤلاء عند حدهم، على الرغم من أن الجميع يعلم أن الشقاق يزداد يوما بعد يوم على الرغم ان ما ميز الكويت في تاريخها هي وحدة أهاليها والتفافهم حول قيادتها لا فرق بين سني او شيعي او بدوي او حضري او عربي او اعجمي، والحقيقة أن ما يتعرض له النسيج الوطني اليوم يؤكد أن هناك مخططا لضرب الوحدة الوطنية وتشجيع الطائفية والقبلية على حساب الوطن وإهمال قيم المواطنة وتساوي الافراد، في وقت تزداد فيه الشراسة الإعلامية من قبل بعض الجهات الفاسدة، ناهيك عن بعض أعضاء من مجلس الامة الذين يسعون للتكسب انتخابيا على حساب الوطن ووحدته .
إن هذه الازدواجية الغريبة في تطبيق القانون على نهار على الرغم من إن السجن بحسب الأصل نوع من أنواع العقوبات الجزائية التي يقررها القاضي واستمرار اعتقاله دون توجيه تهمة له أمر غير مقبول وتعسف بحق مواطن من أبناء الكويت ناضل وجاهد للدفاع عن وطنه و حماية ترابه، وإنه لمن المستغرب إيداع بطل من أبطال المقاومة والذي يجب أن يكّرم لا أن يهان أو يحبس على فعل أو ممارسة شعبية لم يصح قطعا أنه قام بها، فبأي حق يتم حبسه 21 يوما، هل تخاف الحكومة هروبه خارج الكويت التي دافع عنها وكان يقدم روحه للذود عن ترابها في كل يوم أثناء العدوان، إن حرية التعبير مكفولة للجميع وعلى الحكومة أن تتفهم أن ردود الأفعال الشعبية لا يمكنها أن تكون مقياسا للتعامل بين الدول ولنعود لوقت قصير مضى حينما تعرضت بعض الجهات الدبلوماسية الخليجية في إيران للهجوم قالت الخارجية آنذاك إنها ردود أفعال شعبية ولا يجب التعويل عليها، واليوم نرى الإيرانيين يقيمون الدنيا من أجل ردة فعل طبيعية وعمل شعبي في موقف واضح للازدواجية والمعايير المغلوطة، ثم إن صح أن نهار فعل هذا ألا يشفع له ما قدمه من تضحيات من أجل تراب وطنه الكويت إبان الغزو العراقي الغاشم، وألا يعامل بهذه الطريقة وكأنه مجرم، نحن لا نعترض على حكم القضاء العادل في الكويت ولكن اعتراضنا على التعسف في استخدام القانون وحبسه احتياطيا لمدة طويلة فهو لم يهرب من الغزاة عندما هرب الكثيرون فهل يهرب اليوم؟ ليترك الأمر بيد القضاء.
كما أننا نتحفظ كثيرا أيضا على مقولة أن إيران دولة صديقة !!! هل ايران بالفعل دولة صديقة لدول الخليج؟
هل من تجسس علينا يعتبر صديقا؟ وهل من يدعو رئيس مجلسه المنتخب في المحافل الدولية لإسقاط الأنظمة العربية في الخليج يعبر عن دولة صديقة؟ ان حبس نهار بهذا الشكل تعسف غير مقبول ومرفوض لا نعلم أسبابه!! إننا في دولة دستور وقانون وقضاء، إذن لنجعل القضاء الفيصل في قضية نهار وليتم إطلاق سراحه على الفور .
إن البعض يراه قد أخطأ لكننا نراه بطلا دافع من قبل عن تراب وعرض بلاده وذاد عنها واليوم يكمل مسيرة النضال والبطولة ليهب مدافعا عن عرض رسول الله والذود عنه، فتحية إعزاز وتقدير لمقاوم كان بطلا في الغزو وبطلا في الدفاع عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وبطلا في صلابته التي لن تلين.
أستاذ التاريخ – جامعة الكويت
أضف تعليق