أقلامهم

إسماعيل أشكناني: لن نبرئ ساحة الحكومة… هي خطوة لتهديد نظام الحكم؟!

عذراً يا وطني…

إسماعيل إبراهيم أشكناني
في الثمانينيات فرح الكثيرون بإمداد حامي البوابة الشرقية “المقبور”، بالأسلحة والمعدات والآليات العسكرية، وصوتت الأغلبية في مجلس الأمة الكويتي (آنذاك)، على منحه ما سمي بالقرض العراقي (الذي ندفع ثمنه حتى هذه اللحظة)، في حربه ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنهم نواب في المجلس الحالي، وما أشبه الليلة بالبارحة، فقد اتهم الأغلبية، كل من عارض هذا القرض المشؤوم بأنه يحارب العرب، وضد القومية العربية، وعميل للفرس وعبدة النار، وجعلوه ذنباً لإيران، وأن ولاءه لغير الكويت فـ”اقطعوا الأصابع الثلاث”، واكتشف العموم أنهم كانوا مخطئين، ولكن بعد فوات الأوان و”بعد خراب مالطا”، والآن يقومون بإعادة ما قاموا به في السابق، كأنهم لم يتعظوا من أخطاء الماضي، فها هم اليوم يطالبون بتسليح المعارضة السورية، وما يسمى بالجيش الحر، الذي يتبنى التفجيرات التي راح ضحيتها آلاف القتلى من أبناء سورية.
حين غزا صدام الكويت، يوم “الخميس الأسود”، في الثاني من أغسطس عام 1990م، توقفت مؤسسات المجتمع المدني عن العمل، وأعلن جميع من يعمل بهيئات ومؤسسات ووزارات الدولة، من المواطنين الصامدين في الكويت حالة العصيان المدني، والإضراب عن العمل تعبيراً عن رفضهم للاحتلال، وتأكيداً على تمسكهم بآل الصباح كحكام شرعيين للكويت، ارتضاهم الشعب الكويتي بجميع أطيافه ومكوناته، تطوع المواطنون الكويتيون من خلال هذا العصيان “الإضراب”، للعمل من غير راتب لمدة 7 شهور في الأماكن الحساسة، التي لا يمكن الاستغناء عن خدماتها، إحساسا منهم بالمسؤولية تجاه بلدهم وأبناء وطنهم، ولا يفوتنا الموقف المشرف من إخواننا “الكويتيين البدون”، في هذه الفترة الحساسة من تاريخ الكويت، والتضحيات والملاحم التي سطروها بدمائهم جنباً الى جنب مع شركائهم في الوطن، امتهن المواطن الكويتي حرفاً ومهناً، لم يكن يعمل بها من قبل، فعمل بالمخبز، واشتغل بالحدادة ورفع القمامة، وغيرها من الأعمال اليدوية والحرفية التي كانت توكل للعمالة الوافدة.
نعيش الآن في سنة 2012م، وبعد مرور 22 عاماً على تحرير كويتنا الحبيبة، نفاجأ بمجموعة من نواب مجلس الأمة، يدعمون بشغف الإضرابات التي تقوم بها بعض النقابات في الدولة، للضغط على الحكومة، من أجل زيادة ورفع مستوى الرواتب، إن الفارق بين العصيان المدني في فترة الغزو، والإضرابات الحالية المدعومة من نواب الأغلبية يكمن في تعطيل الأخير للحياة في دولة المؤسسات، والسؤال هنا: ألا يعتبر هذا الفعل عصياناً مدنياً؟ ألا يعد تحريضاً على زعزعة أمن البلاد؟ ألا يعتبر خطوة لتهديد نظام الحكم؟!
علينا أن نحكم عقولنا ككويتيين، وندفعها تجاه القليل من التفكير، لمصلحة مَن ما يحدث هذه الأيام؟ وأين يصب؟ ومن قبل من؟ وضد من؟ تساؤلات يجب أن يفكر فيها كل من يحرص على مصلحة هذا البلد، حتى لا نخدع، فنظن اشتباهاً أنها تصب في مصلحة الوطن.
إن المفارقه بين الإضرابين تكمن:
* في عام 1990: عمل الكويتي بدون راتب (7 شهور) لأجل وطنه.
* في عام 2012: عطل الكويتي مصالح وطنه وأبناء جلدته من أجل حفنة دنانير.
لن نبرئ ساحة الحكومة، فقد ساهمت هي الأخرى، بشكلٍ أو بآخر، في إيجاد الأرضية لهذه الإضرابات، من خلال تخبطها في وضع الزيادات المتفاوتة للقطاعات المختلفة، وعدم استخدامها لمسطرة واحدة مع الجميع، فليس لنا أن نلقي باللائمة كلها على المضربين وحدهم، فهناك من شعر بغبن، نتيجة الزيادة غير العادلة لقطاعات دون غيرها، وهو ما ساهم في تعقيد الموقف.
فعذرا يا وطني على خيبتنا الكبيرة.