أزمة الأغلبية البرلمانية
أحمد المليفي
عندما خرج حزب المحافظين البريطاني من السلطة بعد حكم دام سنين برئاسة مارغريت تاتشر وجون ميجر، صرح احد الأقطاب بأن الحزب كان بحاجة لمثل هذا الخروج لأنه نسي كيف تكون المعارضة.
يبدو ان حال حزب المحافظين في السابق يتفق مع حال الأغلبية الحالية عندنا – طبعا مع شاسع الفرق – فاذا كان حزب المحافظين ونتيجة لسنين طويلة في قيادة الدولة قد نسي اعضاؤة كيفية المعارضة، فان الاغلبية البرلمانية اليوم ونتيجة لسنين طويلة من المعارضة السلبية بكل اشكالها قد نسيت كيف تكون الممارسة البرلمانية الايجابية.
تصرفات الأغلبية البرلمانية وطريقة تعاطيها مع القضايا الراهنة تجعلنا نلاحظ ذلك بكل وضوح، فهي تضع رجلاً مع الحكومة ورجلاً ضدها، وتتقدم خطوة وتتراجع خطوة.
ما جعل مواقفها مضطربة، وتصريحات أفرادها متضاربة بين الشدة واللين، وبين المواجهة والمهادنة. ونتيجة للطريقة التي كانت تقود بها المعارضة الشارع وقد تعود عليها الناس بلباس المعارضة في كل شيء.
فهو غير قابل حتى الآن لها ان تنزع هذا الجلباب لأسباب عدة. لذلك فان الاغلبية تعيش في ازمة سياسية ونفسية مع نفسها ومع مؤيديها.
الأغلبية البرلمانية تخشى أن تقف مع الحكومة في مشاريعها وتفقد بذلك كرسي المعارضة الذي ستأخذه منها الأقلية، ومن ثم تفقد الأغلبية البرلمانية ميزة تهييج الشارع وحشده في أي انتخابات قادمة خاصة أن عقلية الشارع السياسي تعتمد على الانتقاد اكثر من النصح والارشاد.
لا اعتقد أن الأغلبية البرلمانية في سعيها لتطبيق برنامج اصلاحي خاطئة،بل أن لديها فرصة ذهبية لتحقيق اكبر قدر من الاصلاحات، فهي تملك زمام المبادرة، كما ان الحكومة تعمل جاهدة لتلبي رغباتها. ولكن المشكلة تكمن في أمرين: أولهما أن عملية الاصطلاح ليست بالآمر الهين وتحتاج الى وقت لجني ثمارها، مقابل ذلك، ثانيا نفسية سياسية تعودت على المعارضة بكل شيء نتيجة لسنين طويلة من المعارضة، كما أن نفسها قصير في الانتظار وقد تحدث في أي لحظة انتخابات جديدة فتكون المعارضة في وضع لا تحسد عليه.
لذلك اعتقد أن على الأغلبية ان تمارس دورها كرجال دولة يعملون على نقل البلد من حالة الاحباط والتذمر والاستمرار برؤية النصف الفارغ من الكأس، الى حالة الآمل في الاصلاح والانتظار للنتائج مع تثمين وتأييد أي بوادر ومبادرات للاصلاح، في مرحلة المخاض هذه كما هي في أي مرحلة هناك خسائر ستتحقق على المستوى الشخصي للمعارضة ولكنها في النهاية وعلى المستوى الحقيقي للدولة فهي نجاح ما بعده نجاح.

أضف تعليق