أقلامهم

منى العياف: “كأنها ديوانية وليست قاعة عبدالله السالم!”

محنة شعب.. كشفها استجواب وزير الإعلام!

منى العياف
 
أكتب هذه المرة أيضا من قلب الحدث، من استجواب القلاف لوزير الإعلام، كم كنت أتمنى ألا أذهب إلى هناك، فمنذ لحظة وصولي إلى القاعة وأنا أشعر بمرارة لم أشعر بها إلا عندما ضاع الوطن في عام 1990!
لا أبالغ ولا أفرط في التشاؤم لسبب بسيط، هو ان ما حدث أمامي كان عملية تقطيع لنسيج المجتمع أبطالها – صدّق أو لا تصدق – «نواب الأمة»، ما حدث أمامي كان تمزيقا لكيان دولة! لم تكن هناك لوائح يتم احترامها، ولا مواطنة حقيقية يجري الحرص عليها، بل كان هناك فجور في الخصومة، وانتصار لعصبية قبلية، وإحساس بالزهو والخيلاء من بعض من يحلو لهم ان يطلقوا على أنفسهم وصف «أغلبية» (…)، والحق أقول لهم انكم ترون أنفسكم أغلبية، ولكن ما رأيته بأم عيني هو انكم سيوف مصلتة على جسد هذا الوطن!
القلاف النائب المخضرم.. أنا اعتذر منك، فاستجوابك على ما فيه من نقاط لك حق فيها، وهي أخطاء نتاج ممارسة لكن لا ترقى الى ان تكون مادة استجواب، خاصة ان سياسة الانتقائية هذه سمة ليست في وزارة الإعلام فقط، وانما – للأسف – متفشية في كل الوزارات، وإذا أردت مثالا صارخا، فهاهي وزارة الداخلية حيث رأينا بأم أعيننا كيف تورط رجال الداخلية في اقتحام «قناة سكوب» وهو أمر يحتاج الى حساب آخر!
أما فيما يتعلق بما أثرته حول غسيل الأموال لقناة تلفزيونية فهذا أيضا قول يحتاج إلى آلية أخرى لبحثه قبل طرحه!
فيا «أبوصادق».. أقول لك بكل صدق: هذا الاستجواب أدمانا وزاد جراحنا، هذا الاستجواب عكس محنتنا الحقيقية التي تعيشها الكويت، ان استجوابك ما كان يجب ان يطرح، ما كان له ان ينتهي هكذا بتبادل المصافحات والابتسامات بينك وبين زملائك، معتقدين ان صفحته قد طويت، لكنكم لا تعلمون انكم في هذا الاستجواب قد ضاعفتم جراحنا فكيف لنا ان نتجاوز ذلك التراشق المتبادل، والغمزات واللمزات، حول الشيعة والسنة، بينك وبين نواب «الأغلبية» (كما يسمون أنفسهم) انها فتنة، ونار تحت الرماد، ومحنة الكويت الحقيقية والمؤلمة الكامنة تحتها، كيف تجاوزتم ذلك؟ وكيف تريدون منا ان نكون مثلكم؟!
كيف تريدون منا ان نتجاوز ما تفعلونه تحت القبة من استخفاف باللوائح والأطر العامة التي تحدد العلاقة بين النواب بعضهم البعض، وكأننا في سوق لا في برلمان؟!
لقد حضرت استجوابات كثيرة منذ ما بعد التحرير والى اليوم، فلم أر استجوابا بمثل هذه الفوضى وكأن أصحاب الحناجر العالية يريدون ان ينفوا عن أنفسهم جهلهم باللوائح برفع الصوت، فيما كان العقلاء من الطرفين لا حول لهم ولا قوة، كانوا يتفرجون على هذه التعديات، اللهم الا تلك المداخلة من النائب علي الراشد الذي أخذ يشرح فيها لرئيس المجلس اللائحة وما تنص عليه، وكان ختامها من النائب الوسمي الذي جاء ليؤكد ما جاء على لسان الراشد بان الهرج والمرج الذي ساد الجلسة مخالف للوائح وكأنها ديوانية وليست قاعة عبدالله السالم!
ما يحزنني أيضا ان يكشف هذا الاستجواب ضعف رئاسة «السعدون» وعدم قدرته على قيادة المجلس.
ختاما، نوجه الحديث إلى وزير الإعلام الشيخ محمد المبارك العبدالله الذي تفوق في تفنيد محاور استجواب لم يكن مستحقا فعلا، وأثبت جدارة في قدرته كوزير، ما يجعلنا نطمئن الى ان الحكومة تضم عناصر جيدة كالشيخ محمد المبارك العبدالله.
وليس للحديث بقية..
.. والعبرة لمن يتعظ!