أقلامهم

صالح الشايجي: نحن قوم شعر وكلام منمق … القول لا الفعل هو الذي يحكمنا

فعل فاضح في الطريق العام «عبدالناصر..كمان وكمان»

قيلولة: صالح الشايجي

نعشق الجثث ونقدسها ونرضى بها حَكَماً وحاكماً
لماذا فشل انقلاب الكيلاني ونجح انقلاب عبدالناصر؟
أيدٍ بيضاء.. تحيك عباءات الزعماء
في كل زمان.. لنا ماضٍ نبكي عليه
ركعة الخلود على كرسي الرئاسة


كما طيار تمم على طائرته.. وتيقن أنها كاملة الجهوزية للإقلاع السليم.. فشرع في السير على المدرج.. ثم أقلع محلقا في الفضاء القريب.. وقبل أن تأخذ طائرته كمال استوائها في الجو.. جاءه نداء عاجل من برج المراقبة.. يطلب منه العودة إلى المطار الذي لم يغادره إلا قبل دقائق من نداء العودة..
مثل هذا الطيار..كنت أنا.. وإليكم التفاصيل:
فبعد أن كتبت في قيلولة الجمعة الماضية ما قل وخف مما حمله كتاب الصحافي المصري الراحل محمد جلال كشك والمعنون بـ «ثورة يوليو الأميركية»، وفيه يورد وثائق وشهادات تدلل على أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.ايه) هي التي هيأت لما سمي «ثورة يوليو» في مصر عام 1952، وأنها هي التي دعمت جمال عبدالناصر وساندته وأنجحت ثورته ثم ناصرته للإطاحة بمحمد نجيب بعدما احتل نجيب قلوب المصريين وتربع فيها وتأكدت شعبيته بسبب ميوله الشعبية والديموقراطية.. وهو الأمر الذي لم يكن يراد للثورة أن تكون عليه.. والدرب الذي لم يكن يراد لها السير عليه.. لأن القصد كان نزع ثوب الديموقراطية التي كانت تتحلى به مصر أيام ملكيتها.. ونشر الديكتاتورية والزعامة الفردية وإيجاد «بطل» يلتف حوله العرب وتكون له الكلمة الآمرة الناهية عليهم..والبقية معروفة وليس من مجال للدخول في تفاصيلها في هذه المقدمة..
الذي جعلني كطيار يعود سريعا إلى مطاره.. ويجعلني أعود ثانية إلى حيث كنت قد أقلعت قبل قليل.. أو بمعنى أدق أعود للكتابة في الموضوع ذاته الذي قد غادرته منذ أسبوع مضى لا غير وأنضجته على نار صاخبة الشرر.. هو زميلنا فيصل الزامل الذي كتب يوم السبت الماضي عقب قيلولتي مباشرة.. طارحا علي والزميل سامي النصف اسئلة من وحي ما كان مكتوبا في تلك القيلولة..
وكذلك ما أثاره صديقي الأستاذ أسامة الغزولي وما طرحه من نقاط عميقة.. قد أراني قاصرا عن الغوص فيها لعجز باد في وليس تهربا من سخونتها.. ولا خوفا من شررها المتطاير من القلوب العمياء والأفئدة الخرساء التي تصر على العمى رغم توهج الحقيقة من حولها.. ودوي أجراسها الخارقة طبلات الآذان!
***
وحمّلني الزميل فيصل الزامل مسؤولية الرد على أسئلته الذكية الواجبة الطرح والتي طرحها في مقالته يوم السبت..
في البدء أعلن أنني لست الذي يملك الإجابة على ما تم طرحه من قبل الصديقين فيصل وأسامة وهي نقاط شائكة ذات أشواك قد تنغرز في جسدي الواهن وأعجز عن إبرائه منها.. ولست الذي أنام في كهف المعرفة.. أتوسد أوراقها المطويات.. وأطوي قديمها تحت إبطي..
فلست من سكنة الكهوف المسحورة بالمعرفة وبالذات في عالم السياسة العالمية وما ترتبه الدول العظمى لنا في مناطقنا ودولنا وأقاليمنا نحن العرب الذين ما زلنا لسنا على ثقة كاملة بوحدة دمنا وجلدتنا وعرقنا.. حتى في أوطاننا الصغيرة الواحدة.. فالكويتيون ليسوا كويتيين خالصي الكويتية كلهم.. فها قد صرنا في هذا البلد الصغير الجميل الغني.. فرقا وشيعا وأحزابا.. كان «يحسبنا الرائي جميعا وقلوبنا شتى».. أما اليوم فإن الرائي والسامع لا يرياننا ولا يسمعاننا جميعا..بل يرياننا ويسمعاننا شتى.. حتى لم يأنف البعض منا ولم يخجل من المجاهرة بالولاء للمتربصين ببلادنا ـ ان خفية اليوم.. فغدا يوم آخر.. وفعل آخر!
وكذلك المصريون في وطنهم الأسطوري.. حالهم كحالنا.. وشأنهم كشأننا.. ثوار يبسطون الميدان بمشاعل التحرير والخلاص.. وأفواه معبأة الهواء.. تخرج مكنونها لإطفاء المشاعل وإغلاق الميدان.. وتقول للزمان «ارجع يا زمان»..
واللبنانيون ليسوا خيرا منا.. بل هم السابقون.. وان بدا تفتتهم اليوم وتشظيهم.. أكثر عددا.. وتعددا في منابر الولاء الوقح..
وهاهم السوريون.. سنة مرت من الدم.. وسلمت أختها.. بقية الدم..
واليمنيون.. وما ضجت به جبالهم..
والليبيون.. وكأنهم خرجوا من القمقم.. لنرى نحن النظارة عرضا جديدا على عيوننا..
والعراقيون.. المحكومون اليوم من سدنة الخرافة.. وتجار الدم.. والاصطفافات الهزلية والهزيلة..
والآخرون الذين ضاق المجال عن ذكرهم.. ليسوا بأخير من المذكورين.. ولا أفضل حالا.. ففي الأرحام تتحرك ثعابين.. وولادة الثعبان خير من حفظه في الرحم!
***
أقول لسنا الآن في حاجة لأن نغني «وطني حبيبي الوطن الأكبر.. يوم ورا يوم أمجاده بتكبر.. وانتصاراته مالية حياته».. ذاك السم الذي شربناه وأسكرنا ودفع بنا إلى ذروة العليين.. ونمنا قريري العيون مغمضينها على المجد الذي تربع على عرشه.. «وطننا الأكبر».. بل إننا بتنا ـ اليوم ـ في حاجة لأن نحفظ الوطن الأصغر لكل منا.. وبلا «أمجاده التي بتكبر.. ولا انتصاراته المالية حياته».. يكفي كلا منا وطنه الصغير وداره وزوادة عيشه يحملها على ظهره..
قد أبدو أنني حاذيت كتف الشاعر فيما أكتب.. وتلك حقيقة.. ونحن قوم شعر.. وكلام منمق.. والقول ـ لا الفعل ـ هو الذي يحكمنا..
لقد حكمنا عبدالناصر بقوله.. لا بفعله.. ولو أنه حكمنا بفعله لما وجدنا له نصيرا اليوم..
إننا نعشق الجثث ونقدسها ونرضى بها حاكما وحكما بيننا.. ونحن الموحدين «كذبا».. ومحطمي الأصنام.. أكثر الأقوام عبادة للأصنام.. وزيارة العظام وتلمس الشفاعة منها.. واستنطاقها للتفضل علينا بحل لمشاكل يومنا..
أنا لم ولن أقصد أو أتقصد جمال عبدالناصر ـ وأنا الكهل الذي تربيت في مدرسته طفلا وصبيا وشابا ـ فالرجل قد طواه الموت وغيبه.. فإن كان له من حسنات فلا أظنه مستحقا الشكر عليها.. لأن الأساس الإحسان والفعل الحسن.. ونحن لسنا رب العالمين.. لتذهب حسنات زعمائنا سيئاتهم.. لكن السيئة الواحدة في الميزان البشري تذهب حسنات الزعيم كلها..
ووجود عبدالناصر في الحكم المطلق لمدة ثماني عشرة سنة.. هذه بحد ذاتها سيئة تذهب كل حسنة.. ان كان من ثمة حسنة.. في تلك السنوات الثماني عشرة.. وهي التي أسست في العقيدة الانقلابية العسكرية العربية.. ثقافة الرئاسة مدى الحياة لجمهوريات قائمة على مبدأ تداول السلطة لا احتكارها!
فليقل لي أحد.. من قبل عبدالناصر أمم السلطة لنفسه.. واحتكرها حتى الموت؟
وأيضا من جاء بعده من الانقلابيين العسكريين ولم يستن سنته ويصل وراءه في ركعة الخلود على كرسي الرئاسة؟
***
لعل في هذا المنحى الكتابي «الشاعري» تجاوبا مع بعض ما دار في ذهني العزيزين فيصل وأسامة.
وأنا إذ استعرضت الأسبوع الفائت بعضا قليلا من محتوى كبير حواه كتاب «كشك».. عن علاقة عبدالناصر بوكالة المخابرات المركزية الاميركية.. فلم أكن أقصد إثبات المثبت.. ولا لأبين هيامي القومي وموقفي ضد التعامل أو التعاون مع الأميركان أو غيرهم بل إن هويتي وهواي على عكس ذلك تماما.. فأنا من حملة المشعل في الماراثون الأميركي والغربي..
وان كنت أعيب على عبدالناصر فهو لأنه أخفى هواه الأميركي وظهر على عكس ما تنطوي عليه نفسه من هوى أميركي.. وليته استغل علاقته بالأميركيين للصالح العام وجاهر بهذه العلاقة وأخرجها من سراديبها..وما كان في ذلك الوقت ما يشين الأميركيين ويعيبهم عند العرب.. فلا هم الإنجليز المستعمرين مصر والعراق وعدن والخليج العربي.. ولا هم أيضا الفرنسيين الرابضين في بلاد الشام والمغرب العربي والذين تتداعى الشعوب العربية للتحرر منهم..
***
التواجد الناعم
تساءل الصديق فيصل: لماذا الأميركيون – وليس البريطانيين – هم الذين دعموا الانقلابيين العسكريين العرب؟
للإجابة عن هذا السؤال أقول: لو عدنا إلى خارطة المنطقة العربية في سنوات الأربعينات والخمسينات فسنجد – وكما جاء سالفا – أن الإنجليز والفرنسيين هم المهيمنون على دول المنطقة.. وأنه لا وجود ـ في المنطقة – لقدم أميركية واحدة تحتذي بسطارا عسكريا.. وإن التواجد الأميركي في المنطقة العربية كان من خلال المستشفيات الأميركية الخيرية التي أقامتها أميركا في معظم البلاد العربية وأيضا من خلال انتشار البضائع والصناعات الأميركية والفورد والجنرال موترز والخوخ الأميركي المعلب.. والببسي والكوكاكولا..
وكذلك يراهم الرائي قرب حقول النفط.
أي إن التواجد الأميركي في المنطقة العربية كان تواجدا ناعما.. ولم يكن تواجدا عسكريا استعماريا احتلاليا نازعا للإرادة الوطنية.. مثلما كان حال الإنجليز والفرنسيين..
وكانت أميركا وهي الخارجة توّا.. من الحرب العالمية الثانية منتشية بالنصر أو بحسم الحرب لصالح الحلفاء وبدحر النازية.. تريد إكمال «إحسانها» ونشر رسالتها الجديدة بتصفية الاستعمار وتحرير الدول المستعمرة..وهذا ما حدث..وبما أن حلفاء الأمس القريب مازالت ألسنتهم تلهج بالدعاء للعم «سام» على إنهائه الحرب لصالحهم..فليس من المعقول أن تأتي الولايات المتحدة بأساطيلها لتقول لحلفاء الأمس القريب هيّا ارحلوا وإلاّ!
لذلك ابتدعت المخابرات المركزية الأميركية لعبة الانقلابات العسكرية وتقديم زعماء «وطنيين» مدرّبين على أيديها وخاضعين لإرادتها..
وابتدأت بـ «حسني الزعيم» في سورية.. وهذا ليس رأيا أو إنشاء.. بل هي وثائق تتحدث.. ولما كان حجم المطلوب من «حسني الزعيم» قليلا – وقد تحقق هذا القليل – فقد تم التخلص منه سريعا.. فضلا عن كونه قد صدّق نفسه كرئيس وقائد وصار يطلب من عملاء المخابرات الأميركية وهم أساتذته وصانعوه.. يطلب منهم أن يقفوا لتحيته ومخاطبته بسيادة الرئيس.. وهما الأمران اللذان لم يكن المخابراتيون الأميركيون يفعلانهما..وبمجرد أن انتهى دوره انتهى هو من الحياة..وباضت العقارب على قبره..
***
بينما «الزعيم الخالد» كان الدور المطلوب منه أكبر وأطول مدى وأوسع امتدادا جغرافيا.. ويتوازى مع حجم مصر ومدى تأثيرها الثقافي في شعوب المنطقة العربية..
وثانيا لأنّ «الزعيم الخالد» كان أذكى كثيرا من سابقه «حسني الزعيم»..أو ربما تعلّم من أخطاء سلفه «الزعيم».. وفهم الدرس مبكرا فلم يخطئ مع مدربيه وصانعيه الأميركيين.. إلى درجة ان «مايلز كوبلاند» صاحب كتاب «لعبة الأمم» الشهير.. كان يناديه ويردد اسمه أمام الناس «ناصر» هكذا.. لا سيادة ولا فخامة..
***
إذن فإن الأميركيين.. هم الذين كان لهم غرض من وراء تلك الانقلابات ولتصفية التواجد الاستعماري البريطاني.. بينما الإنجليز «أصحاب دار».. وليسوا بحاجة لمن يقلب الحكم لصالحهم.
***
والصديق «أسامة».. كان يتمنى طرح الموضوع من أجل إثراء الحوار واستثارة الفكر العربي لمناقشة ما تعيشه البلاد العربية من زوابع ربيعها المصطخب.. ولكن أنّى لنا – يا صديقي – ذلك ونحن قوم شتّامون سبّابون.. نموت – أو يموت بعضنا – دفاعا عن عظام وهي رميم..وعن لحم اقتات عليه الدود وشبع وبشم.
والتشبث ببطولات الموتى والدفاع عنهم.. هما الطريقة المثلى للهروب من مواجهة الواقع وابتكار حلول لأزماته..
فاللجوء للموتى استنجادا بهم وتمسحا بأسمائهم واللوعة وفرك القلوب حزنا وانفطارا عليهم..أمر سهل ومضمون وقبض اليد..أما قراءة الواقع والتفاعل معه ومحاولة إدراك خطوط خرائطه..فتلك أمور تتطلب قدرة على التفكير والاستنتاج والمراجعة ورصد الواقع واستشراف المستقبل.. وتحتاج إلى إعمال العقل والتعب وسهر الليالي..
***
إن التخلي عن أمجاد الماضي المتوهمة.. هو طريق الخلاص العربي..ولكن هل يلوح في الأفق العربي شيء من هذا الأمل؟
طبعا – لا ولن يلوح – لأننا أمة تراثية.. أمة محكية ومروية ..
في كل زمان من أزمنتها لها ماض تترحم عليه وتبكي..تشق الجيوب وتلطم الخدود بغية استرجاعه..
ونحن – وهذا حالنا – لسنا بحاجة لمن يستغفلنا، وفي هذا ردٌ، على سؤال الزميل «فيصل».. الذي تساءل إلى متى سيستمر استغفالنا ..وكم أتمنى يا صديقي لو أن هناك من يحاول استغفالنا.. لأن هذا ـ لو جرى ـ يكون دلالة فطنة فينا ومؤشر وعي..ولكن ـ مع الأسف ـ لا أحد يفكر باستغفالنا.. لأننا نحن تكفلنا بذلك دون جهد من احد ولا حتى محاولة ـ مجرد محاولة ـ من أحد لاستغفالنا..
«استغفالنا» أو «غفلتنا»..منا وفينا..وطبع فينا وليس تكلفا..ولا استيرادا خارجيا..
أما ترى الذين يزْوَرّون عن الحقائق ويشيحون بوجوههم عنها حتى لا ينجرح كبرياؤهم العاطفي..
ألا تراهم وهم.. يقدمون سمعة «الزعيم» والشرف السياسي له..و«بطولاته الخارقة» على مصلحة أوطانهم وشعوبهم؟
المهم عندهم.. هو الزعيم.. «الأب الروحي».. الذي سقاهم كؤوس الذل مترعة بالكذب..
الذي ملأ أسماعهم طربا متواليا يمجّد بطولاته.. ويعلي اسمه فوق كل أمر آخر حتى الوطن يتدانى ويصغر أمام هامة الزعيم..
ألا تراهم يسطرون إنجازاته التي سطّرها هو لهم على صفحات الخيال وصفحات الصحف..ولم تمس – هذه الإنجازات ـ الأرض قط.. ولم ترها عين متفحصة.. ولا حتى عينا «زرقاء اليمامة».. ولكنها رسخت في أذهانهم بالإيحاء الزعامي وبفعل الحب حتى الموت للزعيم الخالد..
***
لست في كل ذلك.. أقصر الحديث وأحبسه في دائرة جمال عبدالناصر وحده.. ولكنه كان عنوان المرحلة الديكتاتورية والحكم الفردي وربْط الناس بالزعيم على حساب الوطن وفوق الشعب.. وهو ـ أي عبدالناصر ـ دليل القافلة التي تبعته بعد ذلك وأفرادها من أمثاله من الانقلابيين العسكريين.. بدءا بعبدالكريم قاسم في العراق وانتهاء ببشار الأسد في سورية.. مرورا بغيرهم ومن شاكلة هؤلاء الزعماء.. الذين مازال البعض يهتف لهم ويمجد بطولاتهم..حتى الموطوء منهم ـ صاحب مقولة من أنتم أيها الجرذان ـ نال أيضا هذا الشرف!
ورغم هذا فإن ضميري يجبرني أن أقول إن عبدالناصر كان أعفهم وأشرفهم!
***
ألم يتساءل أحد لماذا فشل انقلاب «رشيد عالي الكيلاني «في العراق عام 1942 ونجح بعدها بعشر سنوات انقلاب عبدالناصر في مصر؟
ببساطة الجواب يكاد ينزلق وحده ودون اجتهاد من أحد..
لقد فشل انقلاب الكيلاني رغم تشابه الظروف في البلدين مصر والعراق – من حيث التواجد العسكري الإنجليزي في كلا البلدين ـ لأن الظروف العالمية لم تكن تسمح بتفكير الأميريكيين بإحداث انقلاب والحرب العالمية دائرة رحاها في 1942! وصاحب الانقلاب كان ذا ميول نازية..أما وقد وضعت الحرب أوزارها في الخمسينات..فإن العائق قد زال..وصار ممكنا دخول الأميركيين!
وقد كان.
ومن السذاجة.. التفكير بأن انقلابا عربيا قد قام.. دون أيد ناعمة بيضاء نسجت خيوطه وحاكت عباءته ليلبسها «الزعماء»..وتتباهى بها شعوبهم!!
***
فعل فاضح في الطريق العام
إن تغيير القناعات..ضرب من الجنون..
وغسل الأدمغة.. فعل فاضح في الطريق العام..
وفيما كتبت ما كنت لأهدف إلى تغيير القناعات..فمازال في رأسي شيء من عقل متآكل..
ولم أجنّ بعدُ حتى أطرق باب القناعات متسوّلا تغييرها..ولا متوسّلا إياها لتحيد عن ثباتها عمّا هي عليه (ولو كره الكافرون)!
أمّا أدوات غسل الأدمغة فلا أملكها.. وأعلن خلوّ «ترسانتي» منها..فضلا عن تعفّفي عن الفعل الفاضح في الطريق العام..
ولكنني فيما كتبت أحسبني قدمت شهادة انطباعية.. في محكمة لم تستدْعِني للشهادة.. وليس فيها قضاة ولا جناة.. فكنت شاهدا على لا أحد.. ولا لأحد!
ولكنها شهادة مستحقة..لإبراء الذمة فقط..وذلك جلّ ما فعلـــت! ( ولو كره الكافرون )!