أقلامهم

عمر الطبطبائي … انزع ثوب الطائفية واستبدلها بالحيادية ثم اقرأ “ايران”

إيران

عمر الطبطبائي
قبل البدء في قراءة السطور القادمة أتمنى من قارئي العزيز أن ينزع ثوب الطائفية ويستبدلها بثوب الحيادية حتى يتسنى له التحليق بين سطور المقالة بأريحية تامة.
أما بعد…
يقول السيد جوزيف ناي، رئيس مجلس الاستخبارات القومي ومساعد وزير الدفاع في إدارة الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية بيل كلينتون، أن «القوة هي مثل الطقس، الجميع يعتمد عليها ويتحدث عنها لكن قلة من يفهمها».
ولو نعكس هذه المقولة على واقع منطقتنا حتما سنصل الى نتيجة واحدة وهي أن إدارة ايران نجحت في فهم معنى القوة وأتقنت استخدام أدواتها مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي العربي، فقد نجح القائمون على ادارة إيران بتنصيب دولتهم «بعبعا» على دول الخليج العربي وزرع الخوف في قلوب مواطنيها من خلال استخدام القوة الناعمة «Soft Power» بحرفية تامة عن طريق وسائل الاعلام وربط أهدافهم بالعقيدة، لذلك نرى سيطرة القيادة الإيرانية على النجف وكربلاء حتى تختطف القرار الشيعي بالكامل وتوظيفه لصالحها وهذا ما يعتبر من أخطر أنواع أسلحة القوة الناعمة.
وكذلك لا نستطيع نكران قوة الإدارة الإيرانية في التغلغل بدولنا الخليجية من خلال دعم بعض الحركات السياسية والشخصيات التجارية للتقرب من دائرة مركز القرار، ولعل وضع المجتمع الكويتي خير مثال على هذا التغلغل.
لم تصل الإدارة الإيرانية المتمثلة في نظام ولاية الفقيه الى هذه الحرفية الا من خلال التخطيط ومعرفة ما يريدونه لمستقبلهم، فإدارتهم خططت ولا تزال تخطط لخمسين سنة قادمة وربما أكثر، أما إدارة دولنا الخليجية فاقتصرت على الاستمتاع في مغريات وملذات السلطة! أو تطبيق القوة على شعوبها فقط.
إن الفرق كبير وشاسع ما بين الإدارة الإيرانية والخليجية، فالاولى تعيش من أجل تحقيق هدف وحلم والثانية تعيش على أنغام د. عبدالرب إدريس وصوت محمد عبده، وهذا ما يجعلنا نرى دائما بأن ايران دولة طموحة اما الدول الخليجية العربية مجتمعة واقعها عكس منطقها، فدول تملك كل هذه الكميات من النفط والى الآن لا تشكل أي خطورة على أحد، لذلك من المهين والمعيب ان تكون دولنا الخليجية مجرد أسماء على خارطة العالم وليس أي عالم إنه العالم الثالث يا سادة!!
بلا أدنى شك أن الطموح الإيراني أو الإدارة الإيرانية المتمثلة بتصدير الثورة يمثل خطورة كبيرة على مستقبل استقرار دول الخليج العربي، ولكن الاخطر من هذا هو ضعف القيادة الخليجية على مجاراة الامور وشللها التام في فهم أحدث انواع القوة التي من خلالها تستطيع التصدي للأطماع الإيرانية وتغلغلها في دولنا، وهنا لا نقصد القوة العسكرية أبدا إنما فهم القوة الناعمة وتكييف وسائلها لصالح استقرار دولنا الخليجية، لذلك على قيادات دول مجلس التعاون فهم التكتيك الإعلامي وتطورة واستخدامه، فالاعلام أحد أهم وسائل القوة الناعمة كما عليهم فهم ودراسة المجتمع الايراني وتركيبته ودعم من يستحق الدعم، وكذلك مكافحة الخلايا الاستخباراتية والتخريبية الموجودة في مجتمعاتنا، ولمن ينكرها نقول لهم اسألوا استخبارات دول الخليج عن الوفود الإيرانية التي تتكون من عشرين فردا وبعد انتهائها من مهامها في الدولة يرجع ثلاثة أو أربعة من أعضائها ويبقى بقية الأعضاء هنا وهناك، وبكل صراحة كيف لا تفعل الإدارة الإيرانية ما تفعله في دولنا وهي على يقين بأن ردودنا ستكون بيانات استنكارية حبرا على ورق فقط!
حتى لا نعض أصابعنا ندما، علينا أن نكون أحد أساسيات المعادلة التي تساهم في النتيجة لا أن نكون النتيجة فقط، وحتى يفهم البعض خطورة الوضع سأتحدث بلغتهم، إن لم نكن ضمن المعادلة السياسية الإقليمية فسنكون بيدهم كآلة العود يعزفون على أوتارها ما يريدون سماعه!!
وأخيرا نوضح للبعض بأن الحديث عن إيران لا يعني أبدا الحديث عن إخواننا الشيعة والحديث عن دول مجلس التعاون لا يعني أبدا الحديث عن إخواننا السنة.
د ا ئ ر ة م ر ب ع ة:
الشجاعة هي فن إدارة الخوف!!…