أقلامهم

فوزية السالم: «الفايسبوك»عامل أساسي لنفخ وتورم الأنا للأغلبية فيه

عالم الـ فايسبوك

فوزية شويش السالم
دشنت عالم الـ «فايسبوك» من بداية السنة الجديدة، أي من تاريخ رأس السنة في 1 يناير 2012، الذي قررت فيه أن يكون بدايتي للدخول في هذا العالم الجديد علي، والذي أجلت معرفتي به رغم الطلبات الكثيرة وإلحاح الأصدقاء للتواصل عبره، وكان رفضي وتأجيلي له نابعاً من قناعتي وإحساسي بأنه ليس إلا وسيلة لقتل وضياع الوقت في عالم وعلاقات وهمية لا يتحصل منها إلا صحبة وهمية ووقت هدر في ما لا يفيد.
وعندما افتتحت هذا العالم الجديد علي اكتشفت وتعرفت على أمور كثيرة، منها الصالح والمفيد إذا أحسن استعماله، ومنها ما لا يفيد على الإطلاق، وليس أكثر من ضياع وهدر لوقت كان من الممكن أن يُستثمر في أمور أهم وأكثر في عائد فائدتها ومنفعتها، وهو الأمر الذي أدركته منذ سماعي الأول بالـ «فايسبوك».
الـ «فايسبوك» هو عالم للتواصل الاجتماعي بجدارة ليس لها مثيل على الإطلاق مهما كان نشاط التواصل الاجتماعي على أرض الواقع نشيطا وكثيفا، إلا أن التواصل عبر الـ «فايسبوك» يتغلب ويتفوق عليه بمراحل سنوات ضوئية ليس بالإمكان ملاحقتها بأي شكل كان، ففي كبسة زر بسيطة تقوم بربط المتصل بمئات الآلاف من البشر الموجودين في لحظة زمنية معينة متصلة برغبة ناس راغبين في الحديث والتواصل عبر كبسة الزر هذه القادرة على شبكهم معاً.
وأعترف بفضل هذه الكبسة التي جمعتني بأصدقاء أصبح بإمكاني الاتصال بهم في لحظة أو حتى ومضة قبل أن يرتد إلي طرفي، وبات تواصلنا أسرع وأسهل وأرخص من استعمال الهاتف، مما زاد حميمية صداقتنا، وانتشار كتاباتنا التي هي الأمر المهم بالنسبة للكتاب مثلنا، فالـ «فايسبوك» زاد أهمية نشر ما نكتبه بفضل إعادة نشره، مما يزيد ويوسع دائرة المطلعين عليه، ومما ينعكس على كاتبه بالفائدة والفهم الذي يصله من الردود والتعليقات التي تُكتب وتعلق على ما كتبه في اللحظة والتو.
الـ «فايسبوك» عالم تواصل لكل اشكال التواصل، ففيه التواصل الغرامي الحميم عبر تلك العلاقات التي تولد وتكبر عبر شاشة الفيس الذي ينميها ويكبر فيها، وهناك أيضاً التواصل للقلوب الوحيدة المفتقدة الصحبة والحب والتواجد الإنساني الحميم على أرض الواقع الاجتماعي المحيط بها، مما يدفعها للبحث عن دفء الإحساس به، وإن كان عبر لوحة شاشة، وهناك التواصل العام مثل التجارة والإعلان عنها عبر الـ «فايسبوك» القادر على توصيل الإعلان إلى الملايين من البشر في كبسة زر، ومن دون الحاجة إلى شركات الإعلانات المتخصصة، وهذا الأمر أدى إلى انخفاض المردود المادي لها، فمن هو بحاجة إلى إعلاناتها اليوم في وجود هذا الإعلان الذي يتخطى حدود أرض المعلن إلى عالم خارج مفهوم الحدود والمصاريف والجمارك.
الـ «فايسبوك» أيضاً باتت صفحاته للترويج لكل شيء ولأي شيء كان، مثل الثورات العربية التي قامت أولا عبر صفحاته، والتي مازالت إلى اليوم تشتعل فيها، ولعلها أهم انجازات التواصل في الـ «فايسبوك» الذي استطاعت عبره هذه الشعوب إيصال ثوراتها التي قلبت كل معايير ومفاهيم وأشكال الثورات التقليدية القديمة.
وكما استفادت التجارة والثورات والقلوب الوحيدة من الـ «فايسبوك» أيضاً جاء دور الكتاب لقطف حصتهم من الترويج عبر صفحات عالم الـ «فايسبوك»، طالما أنه لا توجد دور نشر تتولى الترويج للكتب بشكل يماثل ما تقوم به دور النشر الأجنبية من إعلان ودورات ترويجية للكتاب والكاتب، أصبح الكتاب العرب يقومون بالترويج لأعمالهم بنفسهم بأشكال متفننة ومتعددة من كل أنواع الترويج.
كما امتلأت صفحات الـ «فايسبوك» بكتاب لن توجد أي دار نشر تقبل نشر كتاباتهم التي وجدت لها مكاناً على هذه الصفحات، ووجدت لها أيضاً من يطبل ويهلل ويزمر لها، مما زاد تورم وانتفاخ الأنا لديهم.
عموماً صفحات الـ «فايسبوك» هي عامل أساسي لنفخ وتورم الأنا للأغلبية فيه، سواء كانوا مبدعين حقيقيين أو موهومين بإبداعهم.
على كل حال يبقى الـ «فايسبوك» قيمة عظيمة للتواصل الاجتماعي والثقافي والتجاري والإعلامي والإنساني، قد يكون فيه هدر كبير للوقت وضياع لزمن إنتاج مفيد لهؤلاء الذين لا يدركون قيمة ومعنى الوقت ويملأون فراغ حياتهم وفراغ عقولهم بصداقات كاذبة وهمية كان من الأجدر لهم أن توظف في عمل مدر ومفيد.