أقلامهم

حسن العيسى: لا فرق بين مؤمن وملحد ومسلم وغير مسلم!!

مطلوب رؤوسكم ورؤوسنا

حسن العيسى
في التصويت على مشروع قانون الإعدام لمن يطعن في الرسول أو الذات الإلهية سكت النواب المحسوبون على التقدميين- أعتقد أن كلمة تقدميين كذبة كبيرة صدقناها بغباء- في النقاش حول مشروعية مثل تلك المادة “الدراكونية”، ثم صوتوا عليها كما وردت، ضاربين عرض الحائط بكل أدبيات العقل والاتزان في العملية التشريعية… هل تدرون ماذا حدث؟! حشرهم النائب جمعان الحربش في خانة من لا يصوت على المادة فهو محسوب على “الملاحدة الجدد”، أي أنه يرضى بالطعن في الرسول أو الذات الإلهية… وحدثت الطامة حين صدق هؤلاء تهديدات الحربش والقوى الدينية الحاكمة بأمر الاستبداد!
لم يقف نائب واحد من أشباه التقدميين، الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ليسأل من صاغ تلك المادة ما إذا كان المقصود بها الدفاع عن الرسول والذود عنه من سفه السفهاء أم هو إعلان الانتصار النهائي لدعاة الدولة الدينية الاستبدادية، وتم ترك موضوع مادة العقوبة للنواب الشيعة دون غيرهم ليعترضوا عليها من أبواب الفقه الجعفري- كما كتب فاخر سلطان في الوطن- لا من أبواب مرامي التشريع حين يكون أداة للتقدم والحريات. تصور “نوابنا” أن المقصود بالتشريع هو تلك الشراذم الفاقدة لحس المسؤولية، وتتعدى على معتقدات الغير! أو أنها معركة “الشيعة” وحدهم فما شأنهم بما يحدث! وما علاقتهم بالأمر؟!
يا حسرة عليكم، وعلى هذه الديمقراطية السوداء حين تقتل الحرية باسم الحرية، وحين تصادر المعتقدات الإنسانية باسم المعتقدات الإنسانية، وحين تشوه مقاصد الدين باسم الدين، وحين تسلق التشريعات من أجل إرضاء نهم دعاة الرأي الواحد والنهج الواحد وجماعات “البعد الواحد”.
المقصود بذلك التشريع ليس كما روج له دعاته بأنه للحفاظ على اسم الرسول والذات الإلهية، المقصود في الحقيقة أنتم ونحن وبقية خلق الله، لا فرق بين مؤمن وملحد ومسلم وغير مسلم! المقصود مصادرة وجودكم وتفكيركم، وفرض الرؤية الواحدة للدنيا من قبل حماة الدين كما يزعمون، كي تصبحوا (ونصبح معكم وقبلكم) في النهاية عبيداً في أسواقهم يتاجرون بحرياتنا وبعقولنا كما يريدون بثمن حماية الدين والمعتقدات… في تشريعهم عودة مخيفة لمحاكم التفتيش الإسبانية في نهاية القرون الوسطى حين هدد المسلمون واليهود: إما تغيير دياناتهم أو الخضوع لأبشع أنواع التعذيب بنبش صدورهم أو الطرد من قشتالة.
لنقف هنا قليلاً، هل تتذكرون المرحوم د. أحمد البغدادي، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الكويت، أعرفه جيداً، كان أكثر تديناً والتزاماً بالشرع من الكثيرين من دعاة أيامنا المظلمة ومن الانتهازيين الراكبين فوق الموجة الدينية والمتربصين بحرية الكلمة والفكر… أحمد البغدادي كتب كلمة واحدة في مقال بحثي طويل عام 99 فسرته المحكمة، بعد بلاغ من أحد المحتسبة في ذلك العام، بأنه إساءة إلى الرسول، وحكم عليه بالسجن، وقضى أسبوعين في سجن طلحة، وأفرج عنه بعفو أميري من الأمير الراحل جابر الأحمد.
من أجل كلمة واحدة وفي اجتهاد قانوني لمحكمة الموضوع قد يختلف معه الكثيرون زج بالبغدادي في السجن، فماذا سيحدث اليوم أمام حفل المزايدات واحتفالات قيام الدولة الدينية… هل ستنبشون قبر أحمد لتعلقوا رفاته على مشانق طيشكم وتهوركم التشريعي؟ اتقوا الله في وطنكم وفي مستقبله الضائع بسببكم وبسبب غياب أولوياتكم وجهلكم بالحضارة والثقافة وحقدكم الدفين وكراهيتكم للغير.