أقلامهم

وائل الحساوي: إزالة الأعلام من” الجعفرية” بذور الشقاق والقادم أعظم!!

 فتحتم الملفات… ائذنوا بالويلات!!


د. وائل الحساوي
فجأة بدا وكأن كل شيء في البلد يسير باتجاه الإصلاح، وفتح مجلس الأمة كثيراً من الملفات الشائكة التي كنا نراقبها سابقاً مستغربين من أسباب الطمطمة عليها والسكوت عنها، ملف الإيداعات المليونية التي نفخت جيوب الكثيرين وأفسدت ذمم نواب ووزراء ومسؤولين، وملف التحويلات الخارجية التي كانت تجري دون علم حتى الوزير المختص، وملف العقود المليارية التي استنفدت ميزانية خطة التنمية دون أن يكون لها تنفيذ: عقد شل وعقد الداو وعقد جسر جابر وعقد الشدادية والفحم المكلسن وغيرها.
وبدأ الناس يتهافتون على استشفاف المعلومات المتسربة من لجان التحقيق ويضربون على رؤوسهم من هول ما يسمعون:
معقولة فلان ابن فلان يفعل هكذا؟! معقولة المسؤول الفلاني يسرق هذه المبالغ؟! معقولة فلان يحول تلك الملايين إلى الخارج ثم لا يسأله أحد عما فعل؟! وهكذا.
بحكم خبرتنا في ديرتنا ومعرفتنا بأحوال أهلها ومعايشتنا لواقعنا المرير فإننا ندرك بأن مثل تلك الخطوات الإصلاحية لا يمكن أن تستمر وأن هنالك أمرا ما يتم تدبيره لإجهاض تلك التجربة ولكن لا تسألوني ما هو، فأنا مثلكم حائر عن الإجابة ولكني أستطيع القول بأن استمرار مسلسل فتح الملفات المغلقة سيطيح برؤوس أكبر مما سقط سابقاً وسيجر الكثيرين إلى النيابة العامة وسيهتك أسرار الكثيرين.
من السيناريوهات المتوقعة لإيقاف عجلة الإصلاح هو الدفع بنواب «بيابيا… بروبرو» أي المطبّلين لفركشة التوافق، على شاكلة عناوين بعض الأفلام المثيرة: الانتقام الطائفي الكبير – فضيحة الشيكات المليارية – الاستجواب في خدمة الأحباب – لا حل إلا بالحل – الشعب يريد إسقاط المجلس – صراع الأقطاب هو الصواب!
ومن السيناريوهات كذلك استغلال حماس بعض النواب لتطبيق الشريعة والدفع بهم نحو تشريعات تسبب نفور الناس منهم لكي تدفع إلى حل المجلس تخلصا من تنظيم القاعدة والطالبان – المفترض-.
ومن السيناريوهات كذلك تفريغ جيوب البلد من الأموال بسبب فتح صنبور الزيادات على مصراعيه لكي يقتنع الناس بأن المجلس هو سبب إفلاس البلد.
بعض هذه السيناريوهات قد بدأ بالفعل وقد شاهدنا نواب الأقلية يتنططون على جميع الحبال ويخترعون الاستجوابات المدفوع أجرها، ويستفزون نواب الأكثرية الذين يحاولون ضبط أنفسهم، لكن بعضهم بدأ يتهدد بالهجوم ليثبت للحكومة بأنهم أقوياء وما يهزهم ريح.
رجائي لنوابنا الأفاضل بأن يصمدوا في وجه الزوابع التي ستهجم عليهم وأن يحافظوا على تماسك جبهتهم وتكتلهم وأن يدركوا حجم التخطيط الذي يستهدف مسيرتهم، أما النصيحة الأهم فهي أن يحرصوا على التدرج في الإصلاح وأن يعلموا بأن الأوضاع المنكوسة التي عشناها خلال السنوات الماضية لا يمكن إصلاحها بجرة قلم، وأن هنالك أولويات لابد من البدء بها وتأجيل ما سواها.
في اعتقادي بأن إزالة الأعلام من المقبرة الجعفرية في هذا الوقت ليس إلا حركة لإثارة المجتمع وزرع بذور الشقاق بين صفوفه، والقادم أعظم!!