أقلامهم

فارس الوقيان: أعداء النجاح في المعهد العالي للفنون المسرحية !

أعداء النجاح في المعهد العالي للفنون!

د. فارس مطر الوقيان
سبق ان التقيت النائب عبدالرحمن العنجري سريعا لمرة او مرتين في الماضي، ووجدت انه من النوع الطيب والصادق في أطروحاته وان اختلفنا حول طبيعة وفحوى بعض تلك الأطروحات، وقد تابعت مساره السياسي في الآونة الأخيرة ووجدت لديه تحولا سياسيا في أطروحاته ينسجم مع تركيبته الصادقة، لاسيما حين يهتم بقيم العدالة والمواطنة والتعايش المجتمعي، ومع ذلك وهنا تكمن الطامة الكبرى في العمل السياسي الكويتي، وجدت بعد ذلك الطرح الإيجابي تراجعا عندما تابعت حزمة التساؤلات التي وجهها لوزير التربية بخصوص المعهد العالي للفنون المسرحية الذي يتولى عمادته د.فهد السليم، فهي من النوع الكيدي الذي لا يتناغم مع توجهاته المجتمعية المهتمة بالتعايش والسلم الاجتماعي في الآونة الأخيرة.
فما الذي يعنيه سؤاله الموجه للوزير عن صلة القرابة من الدرجة الأولى بين رئيس قسم شؤون مجلس الأمة في وزارة التعليم العالي وأحد المعينين في المعهد من بين 12 عضو هيئة تدريس؟ وسؤاله عن كيف تتحقق الشفافية الكاملة في الإجابة عن الأسئلة البرلمانية ذات الصلة بالمعينين إذا ثبت صحة الأمر؟ وقد أصابتني الدهشة لحظة قراءتي للسؤال وكأن العنجري لم يسمع ببيروقراطية الإدارة الكويتية التي يتبعها رئيس القسم لمراقب يرأسه مدير إدارة ثم وكيل مساعد ووكيل وزارة، وبالتالي فإن رئيس القسم ليس حرا طليقا بعدم الإجابة عن هذا السؤال او الإجابة عن ذاك! فهناك من يراقبه ويتتبع ردوده، وهل يعني ذلك ان يستقيل رئيس القسم من وظيفته لأن قريبه من المعينين الجدد لضمان الشفافية ام المطلوب من الأكاديمي ألا يقدم أوراقه في المؤسسات الأكاديمية التي يعمل بها أقرباء له؟! ولو كان الأمر كذلك لبقي نصف الشعب الكويتي في بطالة وجلس المواطنون ببيوتهم لأن أقرباءهم موزعون في جميع الوزارات.
أما السؤال الآخر الذي يصيب العقل الحر بالدهشة هو ذلك السؤال الذي يطلب فيه النائب إفادته عن المواد التي سيدرسها أساتذة علم النفس التربوي وعلم الاتصال واللغة الإنجليزية والإعلام والصحافة والعلاقات العامة بمعهد المسرح، فهل يتوقع النائب ان من يتعين كأستاذ في علم النفس سيقوم بتدريس مادة في الميكانيكا البحرية ومن يدرسون علوم الاتصال واللغة الإنجليزية والعلاقات العامة، سيقومون بتدريس مواد الفيزياء والرياضيات والطب النووي والأحياء الدقيقة؟!
وإذا كان النائب يقصد في سؤاله مدى حاجة المعهد العالي للفنون المسرحية لتخصصات مثل علم النفس واللغة الإنجليزية والاتصال وهي تخصصات ليست ذات صلة بفن المسرح مثلما قيل له، فإن هذا التساؤل ليس في مكانه، بل يعتبر محاولة لتغييب الوعي وتهميش المعرفة، فالهواجس التي يفكر بها جميع المنشغلين بهموم المسرح وإشكالياته تصب كلها في ذلك الانحدار المعرفي والثقافي للمسرح الكويتي في الآونة الأخيرة وضعف مخرجاته التعليمية التي لا تمكن الطالب من اكتساب مهارات ثقافية ولغوية وقانونية وكونية متنوعة، ومن هذا المنطلق فإن طالب التخصصات العلمية بجامعة الكويت، ملزم بدراسة مواد اختيارية كاللغة العربية، وحقوق الإنسان والحضارة وغيرها، على الرغم من تخصصه العلمي الدقيق، فما بالك بفن المسرح الذي يعتبر من الفنون الإنسانية التي تعنى بجميع مجالات الحياة وتعالج جميع القضايا التي تهم المواطن بالداخل والمجتمع البشري في الخارج.ما نود قوله صراحة، انه منذ اختيار د.السليم الذي أعرفه، عميدا للمعهد نالت المؤسسة الأكاديمية التي يشغلها شهرة إقليمية تستحق الإشادة، فهو أراد أن يعيد للمسرح الكويتي الوجه المشرق الذي فقد بريقه منذ أعوام، وذلك عبر انطلاقة المهرجان المسرحي للمعهد في عامه الثاني الذي حضره ضيوف من بلدان عدة، كما انه رسم للمعهد إستراتيجية وطنية تقوم على الاستعانة بالكفاءات الوطنية في جميع التخصصات لذلك نرى حوله دوما مجموعة من المختصين الذين يوجه لهم التساؤلات تلو الأخرى من أجل وصول المسرح الكويتي للعالمية، وأذكر من بين الهواجس التي تشغله تلك المتعلقة باختصاصي للإجابة عن تساؤلات مثل: كيف نعزز مفهوم وروح المواطنة والانتماء للطلبة؟ وما القواسم العلمية والثقافية التي ينبغي التركيز عليها ليلتقي طلبة المسرح مع المجتمع الإنساني الذي يعيشون في كنفه ليكتسب الطالب الخيال الخصب في فنه المسرحي والتمثيلي؟ فالطالب الكويتي لا يعيش في جزيرة معزولة بحيث ألا يهتم بقضايا العالم.
في محصلة الختام، لا بد من التأكيد على انه لا يوجد أدنى شك في صدق نوايا النائب العنجري في الإصلاح بالمعهد وإنما جل ما يمكن قوله هو تعرضه لخدعة انطلت عليه، تكمن في وجود تيار تآمري وكيدي متشدد يريد كرسي عمادة المعهد وإبطال جميع قرارات العميد الحالي ومن ضمنها محاربة تعيين الكفاءات الوطنية من المتعينين الجدد الذين يبلغ عددهم 12 وإفشال خطة المهرجان المسرحي الذي نال نجاحا منقطع النظير وأصبح حديث القاصي قبل الداني، كما انه بوابة الطلبة نحو النجاح الوطني والإقليمي، ومازال يتصدى هذا التيار لأي مشروع مبدع وخلاق مثل إنشاء أقسام جديدة لتزويد الطلبة بالمهارات والتخصصات الكونية والثقافية، فالمؤسف ان أعداء النجاح كثر في الكويت ومنهم من أشاروا على العنجري بتوجيه الأسئلة للوزير، وكم تمنينا لو سألهم النائب: أنتم ماذا حققتم حين كان قرار العمادة بأيديكم وخاضعا لأفكاركم؟ ويا حبذا لو سألهم عن أبحاثهم العلمية وشهاداتهم وقبل كل ذلك سأل أحدهم عن ملفه الأكاديمي المفقود من جميع المؤسسات الرسمية في الكويت، وحين طالب ديوان المحاسبة رد المعهد عن السبب في فقدان شهاداته كان الرد بأنه سكب عليها قليلا من الماء ما أفقد الشهادة صلاحيتها!