أقلامهم

يوسف خليفة: لا أسوأ من النفاق في الدين … الكلمة وحبل المشنقة ؟

الكلمة وحبل المشنقة 

يوسف خليفة
في العقد الأخير من القرن السابع عشر، وفي مستعمرة ماساشوستس البريطانية بأميركا الشمالية، أقيمت ما يسمى بـ«محاكمات ساليم»، وهي سلسلة محاكمات للمتهمين بالسحر الذين كان المتطرفون يدينونها بشدة باسم الدين والعقوبة الأكثر شيوعا وقتها هي الإعدام، ومن يتعرف على الإجراءات التي كانت تتبع وقتها للتحقق من كون الشخص ساحرا أم لا يدرك وحشيتها، ومن ناحية أخرى سخافتها.
في الأيام الماضية، شغلت قضية الإساءة إلى الرسول (ص) وعدة رموز دينية محليا الرأي العام، وكانت النتيجة هي إصدار حكم الإعدام بحق من يقوم بهذا الفعل مستقبلا، وذلك كنوع من الردع.
إن وجه التشابه بين الحالتين في المستعمرة قديما وبين الكويت حديثا هو التطرف في اتباع إجراءات غير معقولة، بحجة حماية الدين ورموزه.
الإساءة لأي شخص، مهما كان، هي مرفوضة تماما، ونعم تجب محاسبة المخطئ، والسؤال هنا: هل ستستخدم هذه التهمة لتصفية حسابات، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أيضا؟
إن الغلو في حماية الدين ورموزه منع عمن اقترح وأقر قانون الإعدام بدراسة تأثيراته السلبية وفرص تطبيقه كأداة انتقام أو من سيكونون ضحاياه، بناء على سوء فهم، وللأسف لا أسوأ من النفاق في الدين، فكما تجمع البعض يرفعون شعارات الدفاع عن الدين وعن الشخصيات الدينية في ساحة الإرادة، لتسجيل موقفهم، شاهدت بعيني في اليوم التالي اللافتات التي حملوها وتحمل أسماء من كانوا يهتفون بكرامتها مرمية قرب حاوية القمامة!
إن الرقابة في وزارة الإعلام التي تمنع الكتب بحجج واهية ومطاطة وقابلة لعدة تفسيرات أحدها الإساءة للدين وللرسول (ص)، فهل يعني ذلك أننا سنعيش عصرا يعدم فيه الشاعر أو المؤلف في الكويت، لأن الرقابة فسرت جملة مقصوصة من رواية بحجم 400 صفحة مثلا انها إساءة وكفر وزندقة؟ ونحن هنا لا نتحدث عن بعض التغريدات أو التعليقات المباشرة، كالتي تسببت في إصدار هذا القانون، ولكن في تفسير ما يمكن أن يصدر من الأعمال الأدبية في خانة الإساءة للخالق تعالى أو رسوله الكريم أو أي رمز ديني، وللأسف بات حتى شيخ الدين رمزا دينيا!
مأساة عندما تفسر الأعمال الأدبية في مفهوم واحد فقط، ويتم اعتماد التهمة من قبل لجنة مهمتها الحكم على كتاب لم يقرأوه من قبل، بناء على تقرير لموظف واحد في الإدارة، فيا ترى هل يدركون الآن أن حكما بإعدام الكتاب عن طريق منعه قد يعني الحكم بإعدام المؤلف.. حرفيا! وأتمنى لكم قوانين فيها شيء من العقل والمنطق.