أقلامهم

سليمان الخضاري: بدأنا بسنة وشيعة وبدو وحضر … تحولنا لشيعة ضد قبائل

الشيعة والقبائل … حوار صريح!

د. سليمان الخضاري
اعلم أنني أتلمس طريقي في حقل مليء بالألغام، فالتعرض وبهذه الصراحة لمواضيع تمس العلاقة بين شرائح اجتماعية محددة وبعضها البعض ليس مما تعودنا عليه مسبقا، على الأقل في الجانب الإعلامي!
لابد لي من ذكر مقدمة أخرى، وهي أنني قد قاومت نظرية المؤامرة وبمنتهى الشدة والضراوة، حتى اتهمني بعض الأصدقاء بالبعد عن الواقعية، والركون لتفسيرات سطحية لكثير من الأمور، ولكنني اليوم أعلنها صريحة مدوية… نعم… لقد بت أؤمن بنظرية المؤامرة… للأسف الشديد!
منذ فترة والجميع يراقب نمو حالة الشحن الطائفي والاجتماعي في البلاد والمنطقة المحيطة بشكل أعم، وربما كانت لبعض الأحداث المحلية والخارجية في السنوات القليلة الماضية دور في تسريع عجلة التشاحن والبغضاء، إلا أننا لا يجب أن ننكر أبدا أن بذور التعصب والكراهية موجودة في بيئتنا ولها ما يتعهدها بالنمو والاستمرار من إرث تاريخي وثقافي فيه ما فيه من الدماء والقتل والمؤامرات والمؤامرات المضادة، وسوء الظن وقراءات خاصة لأدوار لعبتها شخصية هنا وشخصية هناك نتجت عنها منظومة متناقضة فقهيا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا وعلى كل صعيد آخر.
لكنني، والحديث عن وطني، لا بد لي من وقفة، مهما كان دور الفرد منا محدودا في التصدي لكم التطرف والكراهية المتبادل، فتراكم الجهود الفردية هو ما ينتج بالنهاية زخما تغييريا ذا طابع اجتماعي، ولابد لي إذا من التوقف عند ما يحدث لدينا والحديث عنه من دون مواربة أو مجاملة.
إنها باختصار لعبة كبيرة!
نعم… لعبة كبيرة…
هذا ما توصلت إليه بعد متابعة حثيثة لما يجري عندنا في الساحة الكويتية، فالأحمق من يتخيل المشكلة متعلقة بسنة أو شيعة، أو بدو أو حضر، فمقدار الكراهية الذي يحاول البعض غرسه فينا يفوق قدرة أي قلب سليم عن تخيله، فضلا عن تبنيه ونشره بين الآخرين!
بدأنا بسنة وشيعة وبدو وحضر، ثم تحولنا لشيعة ضد قبائل، أو العكس، وبعدها تفتق ذهن أصحاب المصالح والذين يريدون منا أن ننشغل بصراعاتنا «من أجل تقاسم الكيكة» عن خطة جهنمية، يتم فيها استدعاء الإرث التاريخي لحرب الجهراء كمدخل تحريضي لفصيل اجتماعي والمتمثل بإحدى القبائل الكريمة ضد فصيل اجتماعي آخر وهم أبناء الطائفة الشيعية الكريمة، ودخل على الخط بعض المتكسبين سياسيا ممن رفع راية الدفاع عن «أبناء بطنها» ضد «المزدوجين»، فتم انتهاك الكرامات والتعدي على حرمات الناس، واستلم الطعم بكل سذاجة البعض الآخر فتبنى هذه الشخصيات المشبوهة وساهم في وصولها لمواقع أعلى في الدولة من باب الانتصار للطائفة، كل هذا يتم أيضا في وجود رموز متطرفة ومتعصبة من بعض أبناء القبائل الكرام لا همّ لهم إلا الشيعة ومعتقداتهم وممارساتهم، في تكامل غريب مع من يريد لنا أن ننشغل بالتافه من الأمور عن سرقة أموالنا وأموال أبنائنا ومستقبل البلاد برمتها وسلمها الأهلي!
الحقيقة التي يعرفها الكثيرون هي أن الإنسان العادي البسيط، والذي يشكل غالبية الشعب الكويتي، لا يهمه كل هذا الصخب، بل تراهم وجل اهتمامهم حياة كريمة لأبنائهم وأسرهم، وجميعهم مشغولون بالهم نفسه من سكن وتعليم وصحة وغيرها من الأمور الأساسية التي لا يختلف الاهتمام بها بين سني وشيعي أو بدوي أو حضري.
لقد طفح الكيل أيها الأحبة… فعلا لقد طفح الكيل… وآن الأوان لنا جميعا… أن نكشف اللعبة.. لعبة تقسيم المجتمع والتلاعب بثرواته… قبل أن نصحو يوما وقد «شُفِط البلد» ونهبت خيراته… فعندها لن ينفعنا الصراخ على هذا: «يا صفوي»… ورد من ذاك: «يا ناصبي»! مفهوم؟!