أقلامهم

حسن جوهر: صباح فوق القمة!… بعد سنوات من الجفاء والعداء

صباح فوق القمة!

د. حسن عبدالله جوهر
ثمن العراقيون عالياً زيارة صاحب السمو الأمير لبغداد بقدر كبير من العرفان، ويتوقون إلى جعلها بداية حقيقية لفتح صفحة جديدة من العلاقات الجادة على كل المستويات، وقد أبدوا استعدادهم الكامل لحسم ما يُعرَف بالقضايا العالقة بين البلدين على خلفية العدوان الصدامي، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء نوري المالكي.
قد لا تشعر كمواطن كويتي بأهمية زيارة صاحب السمو الأمير لبغداد ومشاركته في القمة العربية إلا من خلال وجودك في العراق والاستماع إلى ردود الفعل الرسمية والشعبية على حد سواء، فالعراقيون يثمنون هذه الزيارة بقدر كبير من العرفان ويتوقون إلى جعلها بداية حقيقية لفتح صفحة جديدة من العلاقات الجادة على كل المستويات، وقد أبدوا استعدادهم الكامل لحسم ما يُعرَف بالقضايا العالقة بين البلدين على خلفية العدوان الصدامي، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء نوري المالكي الذي أعلن أمام الوفد الصحافي الإعلامي الكويتي أن بلاده ترغب بشكل حقيقي في إنهاء جميع الملفات خلال أشهر قليلة.
وفي اعتقادي أنه، بعد أكثر من عشرين سنة من الغزو الغاشم وبعد التبدل الجذري للنظام السياسي في بغداد وما ينتظر كل من الكويت والعراق بل والمنطقة برمتها من مستقبل يجمع مؤشرات التفاؤل والأمل من جهة والحذر والقلق من جهة أخرى، لا بد من فتح آفاق التعاون والتطبيع، إذ لا خيار للطرفين بحكم القدر الجغرافي غير هذا المسار، ولعل الوقت الحالي هو الأنسب بعدما سقطت الرهانات على تقسيم العراق وكذلك على الحرب الطائفية، إضافة إلى اندحار الإرهاب من معظم مناطقه.
فالعراق الذي كان مسرحاً لتصفية الخلافات الإقليمية والدولية حتى عام 2010 بات اليوم محط أنظار المستثمرين من كل دول العالم في محاولة لتحقيق مصالح استراتيجية للخطط الواعدة فيه، ومع ذلك فإن المسؤولين على المستويات والانتماءات السياسية المختلفة يفضلون الاستثمارات العربية والخليجية والكويتية تحديداً.
ويبدو أن العراقيين أنفسهم بدأوا يستشعرون أن مصلحتهم وخيارهم الوحيد هو التعايش السلمي وإقامة دولة القانون والمؤسسات، ولا يمكن لأي طرف أن يستحوذ على مقدرات السلطة والهيمنة السياسية بعيداً عن مبدأ الشراكة، ووصلت القناعة عند الأحزاب والمكونات العراقية المختلفة بأن الحوار لا العنف هو السبيل الأفضل للتفاهم والمصالحة، ولعل ما يجمع الفرقاء العراقيين أيضاً هو موقفهم الجديد تجاه الكويت عبر رسالة موحدة من قبل الشيعة والسنّة والأكراد والعشائر، وهذا مؤشر طيب في حد ذاته كإجماع وطني من ناحية، وكبذرة تغرس ثقافة مختلفة وإيجابية بعد سنوات من الجفاء والعداء والتهديد من ناحية أخرى.
نعم هناك أصوات ضد هذا التقارب من الطرفين العراقي والكويتي، وهذا حق مشروع قد تكون له أسبابه ومبرراته، بل قد تكون ملاحظات وانتقادات هذه المجموعة بمنزلة صمام أمان لوضع العلاقات المستقبلية في إطار أفضل وأكثر أماناً من الناحية السياسية والقانونية، ولكن هذه الأصوات يجب ألا تحرم حق البلدين في إقامة علاقات طيبة وذات نتائج ثرية، خصوصاً أنها تأتي تحت مظلة من مباركة القيادة السياسية العليا لدى الدولتين والنخب السياسية ومجاميع كبيرة من الشعبين أسوة بالكثير من دول العالم التي دخلت في وفاق بعد سنين من الحروب والعداء.