أقلامهم

عزيزة المفرج: جماعتنا تجاهلوا العمل الحقيقي فعاش المواطنون في حيرة بسبب الكلام والكلام المضاد

يا أمة ما لهاش في النذالة

عزيزة المفرج
انظر الى جماعتنا وهم يتجادلون فيقول الأول هذا حرام ويقول الثاني بل هو حلال، يقول الأول ممنوع ويصر الثاني على أنه مسموح، يحلف الثالث ان يقدم استجوابا ان لم يتم الأمر، ويقسم الرابع ان يقدم استجوابا لنفس الموضوع ان تم. أنظر الى جماعتنا وقد اختلفوا بعد ان جاء فلان مسؤولا رفيع الشأن، فيقول الأول عنه إنه اختيار حسن، فيرد الثاني بل هو اختيار سيئ، يقول الأول لنمنحه الفرصة لكي يعمل، فيصرّ الثاني على ان الكتاب واضح من عنوانه، يقسم الأول على توفر القدرة والكفاءة عنده فيحلف الثاني على أنه لا يؤمّنه على صخلة يسرح فيها في البر.يكثر الجدال بهذا الشأن، ويعلو الصوت، ويخبو الحماس والرغبة في العمل عند المسؤول بعد التخيير بين اثنين، الاقالة أو الاستقالة. أنظر الى جماعتنا الذين تجاهلوا العمل الحقيقي، واستبدلوه بالدندرة فعاش المواطنون في حيرة بسبب الكلام والكلام المضاد، وانقسم المجتمع الى قسم مع، وآخر ضد، فتزعزع الهدوء والاستقرار في المجتمع واضطرب. أنظر الى جماعتنا وقد جمع هذا ربعه، وحشد الآخر جماعته، ووقفوا يتحدون بعضهم البعض، وأدخلوا البلد في خصومات اشتعلت معها المعارك والحروب الكلامية، وصرنا نعيش فوق صفيح ساخن لا يريد ان يبرد. أنظر الينا وقد طفح الشبع عند بعضنا فوضع ما يشبه الغشاوة على العيون فلم تعد ترى بوضوح، وطفح على العقول فلم تعد تحسن التفكير، وها هي تتبارى من أجل خراب العش الذي يؤوينا جميعا. حتى معنى الثورات والحروب غيرناه، ففي حين أنها تقوم عند غيرنا من بلاد بسبب جوع أهلها وفقرهم، أو بسبب ظلم الناس وقهرهم، أو حتى بسبب حسد الطامعين وحقدهم، تقوم عندنا بسبب بطر الشبعانين وبغضهم ويا له من أمر طرطرة. ان الثورة بسبب الفقر والظلم لا شك محمودة، أما ثورة المترفين فهي لا محالة نكدة منكودة لأنها ربما أتت بالحكم الرديء على حساب الحكم الحسن، وربما غيرت الحال الطيب الى حياة ضنك ومعاناة، وربما أذهبت الطمأنينة واستبدلتها بالخوف والوجل. بعد ان استعادت الكويت حريتها في 26 فبراير قلنا إنها ستصبح أحسن، ولكننا وجدنا أنفسنا نحتل المراكز المتأخرة في مختلف المجالات، وليس ذلك الا بسبب انفراط عقد الأخلاق الثمين، فانتثرت على الأرض خرزات الأدب والاخلاص والأمانة والشرف والاحترام والصدق والكرامة والنبل والقوة والرجولة والمبادرة والابداع وأخيرا حب الوطن، فآل حالنا الى ما نحن عليه، وان لم ننتبه لما نحن فيه، فسوف نفقد الكثير.