أقلامهم

عواطف العلوي عن عدم تكريم المتفوقين البدون: كل الأرقام خطأ، (واسعة شوي) يا وزارة التربية!

بلّ شهادتك واشرب ماءها! 

عواطف العلوي
أرقام هواتفهم كانت كلها خطأ، فتعذَّر علينا الاتصال بهم، لهذا غابت أسماء متفوقي الطلبة البدون عن حفل تكريم أوائل الثانوية العامة! كان هذا عذر وزارة التربية لتبرير تجاهلها للطلبة البدون، بعد الحملة التي شنتها عليها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية، استنكر عبرها الكثيرون موقف الوزارة المستهجَن بتهميشها أسماء أولئك الطلبة وحرمانهم من فرحة لا تتكرر في العمر مرتين!
ماشي! قد أصدق أن رقما واحدا منهم خطأ أو اثنين أو ثلاثة، لكن أن تكون كل الأرقام خطأ، (واسعة شوي) يا وزارة التربية!
واضح أن مسلسل الظلم مستمر، وأن مسؤولينا مازالوا يصرون على ممارسة جميع أنواع القهر والإذلال تجاه هذه الفئة المسحوقة، حتى طالت أبناءها، وبلا ذنب ارتكبوه عاقبَتهم على اجتهادهم العلمي بدلا من مكافأتهم!
حين يتفوق طالب (بدون) عانى ما عاناه من ظروف عيش صعبة وحقوق مسلوبة ومصدر رزقٍ متدنٍّ ودراسة في مدارس منتهية الصلاحية وآيلة للسقوط، كل هذا وسط ظلمة مستقبلٍ مشوشٍ غامض، تتعثر فيه الخطوات وتتيه الأمنيات وتتهشم الأحلام على صخور محفور عليها (أنت بدون)، فبالتأكيد هذا التفوق يعد إنجازا عظيما يستحق الإشادة والتكريم، بل ويجدر بنا سرده كإحدى قصص التحدي والإصرار الرائعة التي نستشهد بها دوما في دروس العزيمة والإرادة!
والله لو كنتُ محل وزير التربية، لجعلتُ لمثل هذا الطالب تكريما مضاعَفا ينسى به كل ما لقيه قبلاً من حرمان وبؤس، ولن أقبل أن أحتفي بالطالب الكويتي والوافد وأكرمهما، إلا وبجانبهما الطالب المتفوق البدون، فتكريم العلم والتميز لا يعرف جنسية، إن كانوا يعقلون!
نحن في بلد الجود والكرم، أيادينا السخية طالت مشارق الأرض ومغاربها، جبَرنا بها قلوبا ومسَحنا دموعا وفرَّجنا هموما بفضل الله، فلن يعجزنا أن نزرع الفرحة بدلا من الغصة والمرارة في صدور هؤلاء الفتية والفتيات ممن ولدوا على هذه الأرض ولم يعرفوا غيرها وطنا يحبونه ويتغنون به، وهم لا يطلبون الكثير، كل ما يتطلعون إليه مقاعد في الجامعة أو المعاهد التطبيقية أو بعثات دراسية مجانية داخل أو خارج الكويت يستكملون بها دراساتهم العليا، وليخدموا بلدهم بعد التخرج بكل إخلاص وامتنان ورضا. فهل هذا كثير علينا؟!
أمّا أن نقول لهم: «ليس أمامكم إلا الشارع والفراغ واليأس، وشهادة التفوق تلك علِّقوها في صدر الديوان، أو انقعوها واشربوا ماءها»، فذلك لعمري هو الظلم الذي يحذرنا الله من مغبته، ونعوذ بالله أن نكون من الظالمين..!