أقلامهم

بدر الديحاني: محاولات التشبّث بعودة مجلس 2009 أو إبطاء عملية حلّه ليس إلا استفزازًا لمشاعر الأمة

لا للعبث بنظام التصويت
د. بدر الديحاني
من المفروغ منه أن مجلس 2009 قد سقط شعبياً وسياسياً غير مأسوف عليه، لهذا فإن محاولات التشبث بعودته أو إبطاء عملية حله ليسا إلا استفزازاً لمشاعر الأمة وإرادتها، وكما قلنا من قبل فإن احترام إرادة الأمة يتطلب الإسراع في حله، فمن غير المقبول سياسياً التحجج ببطء “المخارج” الدستورية لحله، فالناس أصبحت تدرك أن الحكومة متى ما رغبت في عمل شيء ما فإنها لن تعدم ليس فقط “المخارج” القانونية بل “المداخل” أيضاً.
حل مجلس 2009 سيترتب عليه الدعوة إلى انتخابات عامة، تقول الحكومة، كما صرّح وزير الإعلام، إنها ستجرى على نظام الدوائر الخمس، لكن ما يقلق حقاً هو ما تم تداوله في الأيام الأخيرة من أن الحكومة ستقوم بتعديل آلية التصويت لكي تصبح صوتاً واحداً أو صوتين بدلاً من الأصوات الأربعة التي تم التوافق عليها عندما عُدل نظام الدوائر في عام 2006.
مصدر القلق هنا أن قيام الحكومة منفردة أثناء غياب مجلس الأمة بإجراء أي تعديل على النظام الانتخابي من خلال استخدام “مرسوم الضرورة”، أي أن هنالك ضرورة قصوى لا تحتمل التأجيل، لن يعني سوى شيء واحد هو رغبة الحكومة في “تفصيل” نتائج الانتخابات لتتلاءم مع المقاس الحكومي، وهو ما يعتبر عبثاً سياسياً شبيهاً بما قامت به الحكومة عام 1980 عندما عدلت منفردة الدوائر الانتخابية إلى 25 دائرة بصوتين، من أجل ضمان عدد معين من النواب لإقرار المشروع الحكومي بتنقيح الدستور لإفراغه من محتواه الديمقراطي، وهو الأمر الذي لا نزال ندفع ثمن سلبياته الكثيرة حتى الآن، حيث إنه من المعروف أن الانتخابات الفرعية الطائفية والقبلية والعائلية، وظاهرة شراء الأصوات، وطغيان الطابع الاجتماعي على العملية الانتخابية، قد بدأت جميعها مع نظام الـ”25? دائرة انتخابية.
هل يعني ذلك مثالية النظام الانتخابي المعمول به حالياً وعدم حاجته إلى تعديل؟
كلا بالطبع، فالنظام الانتخابي الحالي يحتاج، كما ذكرنا غير مرة في هذه الزاوية، إلى إصلاح جذري وشامل بدءاً من قيود تسجيل الناخبين ووصولاً إلى عملية الطعن في الانتخابات، ومروراً بتقسيم الدوائر سواء دائرة واحدة، وهو ما ندعو إليه، أو دوائر عدة مقسمة تقسيماً عادلاً، وآلية الترشح (نظام القوائم النسبية) ونظام التصويت، بالإضافة إلى سقف تمويل الحملات الانتخابية، ومصادر هذا التمويل وطريقة الإشراف على الانتخابات وإعلان النتائج التفصيلية والنهائية.
الأمر المهم هنا هو أن أي تعديل على قانون الانتخابات يجب ألا تقوم به الحكومة منفردة وأثناء غياب مجلس الأمة، حتى لا تتهم بأنها تجيّر العملية الانتخابية لمصلحتها، خصوصاً أنها غير محايدة، وذلك لطبيعة دورها كطرف رئيسي مؤثر جداً في العملية السياسية والديمقراطية.
أخيراً وليس آخراً فما دمنا نتحدث عن مبدأ الحيادية في صياغة وإقرار آليات العملية السياسية، فإن الأمر الضروري جداً في هذه المرحلة لضمان نزاهة الانتخابات هو إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات تتولى الإشراف الكامل على العملية الانتخابية، فهل تبادر الحكومة في إنشائها؟