أقلامهم

عبدالهادي الجميل: أكاد أتيقن، الآن، بأن نوّاب البرلمان لا يريدون علاج أمراض البلاد جذريا.

ضحك كالبكا
لا طبنا ولا غدا الشر
كتب عبدالهادي الجميل
 
نسمع بين الحين والآخر بعض الإشاعات عن نجاح شركات الأدوية العملاقة في اكتشاف علاجات جذريّة لبعض الأمراض المستعصية مثل السرطان، الإيدز، وغيرهما. تقول هذه الإشاعات بأن شركات الأدوية تُبقي هذه العلاجات سرا لأسباب تسويقيّة تتمثّل في أن القضاء على هذه الأمراض بشكل نهائي يعني توقّف بيع الأدوية، وبالتالي خسارة مئات المليارات من الدولارات. ومعلوم للجميع بأن كل شركات الأدوية العملاقة يهمّها الجانب المادي بدرجة أكبر من الجانبين الإنساني والأخلاقي، ولهذا لا تعدم الحيل من اجل زيادة أرباحها، كأن تقوم  برعاية وتمويل الدراسات الطبيّة التي تخلص في مجملها إلى ترشيح دواء معيّن لمرض ما، ودائما ما يكون هذا الدواء من انتاج ذات الشركة المموّلة للدراسة الطبيّة، فيتم تعميم الدراسة ونتائجها على العالم، فيزداد الإقبال على هذا الدواء وترتفع الأرباح، دون أن تتجشّم الحكومات المتخاذلة عناء محاولة الربط بين الجهة المموّلة للدراسة وبين الشركة المصنّعة للدواء!!
الأمر برمّته ليس سوى لعبة غير أخلاقية ولكنها مُحكمة للغاية، يشترك في لعبها وتقاسم أرباحها كل من الحكومات وشركات الأدويّة، ويقع ضحيتها البشر والأخلاق.
تدور في الكويت، منذ سنوات، لعبة مشابهة، وإن اختلفت طبيعتها وأهدافها. أحد طرفي اللعبة هو الحكومة وهذا الأمر لن يفاجئ أحدا لأن الألاعيب لا تكتمل في بلادنا دون الحكومة. أمّا الطرف الثاني فهو البرلمان وأخص بالذكر الأغلبية النيابية المعارضة التي قادت، في السنتين الماضيتين، الحراك الشعبي الذي انتهى بإسقاط الحكومة الفاشلة والبرلمان الفاسد.
طالب الكثيرون آنذاك بضرورة عدم الاكتفاء بتغيير الوجوه والأسماء فقط دون تغيير النهج، وتحدث عن ذلك بعض أقطاب الأغلبية، ولكنهم تجاهلوا ذلك فور اعلان قبول استقالة الحكومة وإبعاد رئيسها وحل البرلمان وعزوف رئيسه عن الانتخابات!
فعاد البرلمان من جديد برئيس جديد وأغلبية معارضة، وعادت الحكومة برئيس جديد ونهج قديم، وعادت البلاد إلى نفس الأزمة، وعدنا نحن إلى ساحة الإرادة.
أكاد أتيقن، الآن، بأن نوّاب البرلمان لا يريدون علاج أمراض البلاد جذريا، لأنهم مستفيدون من الحالة السيئة التي نعيشها منذ سنوات. وخير دليل على ذلك؛ إشغال أنفسهم والبلاد، في الفترة الماضية، بقضايا استفزازيّة ومتعجّلة كالاستجوابات ولجان التحقيق بدلا من وضع الحلول التشريعية  الجذريّة الكفيلة بسد الثغرات والبؤر التي يتسلل منها الفساد إلى أحشاء الوطن. الحكومة ليس لديها استعداد لتغيير نهجها لأنها لا تملك ذلك، فالقرار يُملى عليها ولا تصنعه، وهذا الأمر لا يزعجها كثيرا، ولكنه يزعج الشعب الذي يحترق قلبه يوميا عندما يرى وطنه كالكرة التي تتقاذفها أقدام البرلمان والحكومة.
 أمراض الكويت معروفة للجميع وعلاجها موجود، وإذا كانت الأغلبية المعارضة صادقة في نيّتها علاج الأمراض بشكل جذري، فليس عليها سوى وضع الإمارة الدستورية والحكومة المنتخبة كبرنامج انتخابي مُلزم. أما عدا ذلك، فليس سوى أدوية مؤقتة لا تقضي على الأمراض ولكنها تخفف من أعراضها فقط.