أقلامهم

محمد الجاسم: هذا التعامل «الانتخابي» مع المأزق السياسي أحد أهم أسباب الإخفاق في تحقيق تطوير سياسي مهم

الميزان 
صراع اجتماعي وانتخابي 
محمد عبدالقادر الجاسم
على الرغم من تعدد واختلاف وجهات النظر في الشأن السياسي في البلاد، فإنه من الصعب الادعاء بأن هذه التعددية وذاك الاختلاف ينطلقان من تعدد الفكر واختلافه، أو من تنوع الرؤى السياسية، أو بسبب تنوع البرامج السياسية. والأقرب إلى الواقع هو أن البلاد تشهد، وعلى نحو متزايد، صراعا اجتماعيا بعنوان سياسي من جانب، وتأتي مقاعد مجلس الأمة مثل «ميدان المعركة»، حيث يجري التنافس بين الأطراف كافة للحصول عليها.
وباستثناء التيار التقدمي، الذي يتزعمه الأخ الفاضل أحمد الديين، وهو تيار غير ممثل في الانتخابات، لست أرى أي جماعة سياسية تملك رؤية مستقلة محددة وواضحة حول الشأن السياسي وغيره، فالحركة الدستورية اندفعت في خوض غمار العمل الانتخابي وفق متطلباته، لا وفق الفكر الذي تؤمن به الحركة، كما أن «سلف خالد السلطان» يتجهون بشكل تدريجي في الاتجاه ذاته، في حين أن «العمل الشعبي» حركة انتخابية منذ نشأتها. أما المنبر الديمقراطي، فإنه بلا هوية سياسية محددة، وأصبح أقرب إلى التكتل الاجتماعي، أكثر من كونه تكتلا سياسيا. أما التحالف الوطني، فهو تحالف اجتماعي بحت استخدم الكثير من «مساحيق» التجميل السياسي لإخفاء هويته الأصلية.
وعلى الرغم من عمق المأزق السياسي الذي تشهده البلاد، فإن الجماعات السياسية الفاعلة انتخابيا ليس لديها ما تقدمه في التعامل مع هذا المأزق سوى طرح انتخابي متكرر يشتد حينا، ويخفت أحيانا، مراعاة لتوجهات القاعدة الانتخابية وميولها اللحظية.
إن هذا التعامل «الانتخابي» مع المأزق السياسي أحد أهم أسباب الإخفاق في تحقيق تطوير سياسي مهم، وأحد أسباب دوران المجتمع في حلقة مفرغة.
إن الإصلاح السياسي المؤثر لن يتحقق ما دامت الجماعات السياسية تخاطب العواطف لا العقول، وما دامت السيطرة هي للذهنية الانتخابية على حساب المشروع السياسي.
إن الكويت تحتاج اليوم إلى التحرر من «الصراع الانتخابي»، وتحويل مسار الاختلاف، من اختلاف قائم على أسس اجتماعية، إلى اختلاف قائم على برامج سياسية متنوعة، وبغير هذا سوف تتكرر أزماتنا.
إن العمل السياسي وحده هو الذي يحقق التغيير.