أقلامهم

حسن جوهر: كنت أتمنى أن يدخل نواب الأغلبية في مجلس 2012 ببرنامج متكامل، وليس فقط شعار انتخابي.

الإمارة الدستورية… وحكومة القبيضة !
د. حسن عبدالله جوهر
كنت أتمنى أن يدخل نواب الأغلبية في مجلس 2012 ببرنامج متكامل يحمل رؤية وطنية شاملة، وخلاصة تجربة المجلس المعطل بحكم المحكمة الدستورية وتجاوز سلبيات بعض الأعضاء أصحاب الطرح الطائفي والفئوي، ثم طرح ما لديهم من أفكار بعد الانتخابات، وهم في موقع قوة حقيقية.
عوداً إلى المطالبات الدستورية ذات السقف السياسي العالي مثل الإمارة الدستورية والحكومة البرلمانية ومفهوم الأغلبية والأقلية في العمل الديمقراطي، لا بد من التأكيد ابتداءً بأنها طموحات مشروعة وخطوة متقدمة نحو مكتسبات دستورية وشعبية في ظل حراك سياسي متواصل، وبعد أزمات متكررة جعلتنا ندور في دائرة مغلقة على مدى سنوات طويلة خصوصاً في الخمس الأخيرة منها.
كما يجب التأكيد أن مثل هذه المطالبات كبيرة لدرجة أنها ستكون بوابة لتغيير المسار السياسي لسنوات طويلة إلى الأمام، والأهم من ذلك أنها تأتي في ظروف حساسة حيث الاستقطاب السياسي الحاد وثقافة الكراهية، وانعدام الثقة، والتمسك القوي بالانتماءات الضيقة.
فكيف يمكن الجمع بين هذه التناقصات، وهل ستكون مثل هذه الأطروحات مدخلاً للاستقرار أم لمزيد من التوتر والتشنج السياسي؟ ومما يزيد الوضع تعقيداً أننا أمام جولة جديدة من الانتخابات النيابية هي الخامسة على التوالي خلال خمس سنوات فقط.
وموقفي الشخصي من الحكومة البرلمانية ليس وليد هذه اللحظة حتى يفسر أو يؤول حسب مزاج ومصلحة أي طرف، بل تم طرحه أثناء انتخابات 2012 الماضية، وفي أكثر من مقال في هذه الزاوية الصحافية، وأوجزه في ضرورة تحقيق أمرين متوازنين: الأول حوار وطني صريح وجامع كون القضية تتعلق بمصير بلد وشعب يعيشان الآن أسوأ الظروف السياسية، والثاني توافر متطلبات مثل هذا المشروع، خصوصاً فيما يتعلق بإعداد القواعد التشريعية المهمة لإنجاحه، وفي مقدمة ذلك استقلالية القضاء والتعيينات في الوظائف القيادية، وحزمة قوانين النزاهة، ومكافحة الفساد، وإقرارات الذمة المالية، وعدم تضارب المصالح.
والبعد الآخر المهم في هذا الطرح يكمن في التوقيت وأسلوب الطرح الذي استخدمه البعض بلغة التهديد والوعيد، وعلى أعتاب فترة انتخابية، الأمر الذي أدى بالفعل إلى استنفار حقيقي بدأت ملامحه تظهر، وخاصة في الدعوة إلى تعديل الصوت الانتخابي كمحاولة لتقليص نواب الأغلبية، وهذا بحد ذاته قد يكون بمنزلة طامة كبرى إذا ما نجحت أغلبية كالقبيضة في مجلس 2009 وجعلناهم حكومة على رقابنا، فمن نلوم عندئذ، وخاصة أن بعض هؤلاء الذين اختبؤوا في بيوتهم قبل أربعة أشهر فقط نصبوا أنفسهم مبكراً نجوماً للانتخابات القادمة، ولا أستبعد أن يطرحوا أنفسهم حتى وزراء قريباً تحت شعار حكومة شعبية؟!
شخصياً كنت أتمنى أن يدخل نواب الأغلبية في مجلس 2012 ببرنامج متكامل يحمل رؤية وطنية شاملة، وخلاصة تجربة المجلس المعطل بحكم المحكمة الدستورية وتجاوز سلبيات بعض الأعضاء أصحاب الطرح الطائفي والفئوي، ثم طرح ما لديهم من أفكار بعد الانتخابات، وهم في موقع قوة حقيقية، ومن خلال إطار وطني جامع، وليس فقط كشعار انتخابي مجهولة النتائج والعواقب!