أقلامهم

عدنان المضاحكة: تعديل الدوائر ليس هو الحل ياسادة، فالحل يتمثل بزيادة التفهم لحاجات المواطنين وتطلعاتهم

لا نخدع أنفسنا ياسادة!
عدنان منصور المضاحكة
يسود القلق والترقب الحالة العامة لدولتنا، فلا أي مسؤول رسمي لديه تصور عن مرحلة مابعد 2012/6/20 وهو تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية بإبطال مجلس 2012، فما بالك بحال المواطن العادي من أمثالي الذين يزداد قلقهم على مصير وطنهم ودورهم في صنع القرار السياسي الذي يتمتعون به ويمارسونه من خلال نوابهم الذين ينتخبونهم عبر صناديق الاقتراع.
فقبل عام 1981 كان الناخبون يقترعون عبر10 دوائر انتخابية، فقالت الحكومة بأنها لا تصلح للبلد، فغيرت الدوائر الى 25 دائرة انتخابية فأفرزت مجالس قوية كمجلس 86 و92، بعدها قالت الحكومة ان الـ25 لا تصلح وفيها عيوب واختارت مع المجلس الـ5 دوائر، فأفرزت مجلس 2009 الذي كان عسل على قلب الحكومة، فارتاحت لتقسيم الدوائر ومدحته تطبيقا للمثل الشعبي (مايمدح السوق الا من ربح فيه).
ولما افرزت نفس الدوائر الخمس مجلس 2012، الذي اراه مجلسا قويا جدا ومميزا بتاريخ الكويت السياسي، بدأت تخرج اصوات تعيب بنظام الخمس دوائر والصقت به أبشع التهم وتدعو لتعديله، لأنه أفرز مجلساً غصت به الحكومة وحلفاؤها في هذه المرحلة، فهو غير مسيطر عليه، وقل تأثير الريموت كنترول لتحالف الحكومة والمصالح الذي كانت توجه به قرارات مجلس 2009، خاصة في حالات التصفية السياسية التي تمت ممارستها ضد ابناء السلطة عندما تصادمت دوائر النفوذ… والمصالح، فهل كلما شعر تحالف الحكومة والنفوذ بأن الطريق غير ممهد له تحت قبة البرلمان لوصول نواب غير مرضي عنهم واختارهم الشعب من خارج الكتلوج المرغوب فيه، وازداد الغيظ عندما تحالف أغلبيتهم (35 ممثلاً للشعب) كاسرين الحواجز المصطنعة التي كانت تقسم الكتل البرلمانية المحافظة والاسلامية والقبلية، والتي كانت الحكومة وحلفاؤها المستفيد الاول من افتراقها.
فهل كلما حدث مثل ذلك تم التفكير بتعديل الدوائر لمحاولة التأثير على ارادة الناخب الحرة، متناسين ان حالة المزاج العام وتوجهات الشارع المتماشية مع ظروف المرحلة التي تجري فيها الانتخابات هي المؤثر الاكبر على خيارات الناخب وليس تعديل الدوائر، خاصة. اذا كان ذلك التوجه ناتجاً كرد فعل عن الفساد الذي ضرب اطنابه وتغلغل في مفاصل الدولة، والذي عبرت عنه جزئيا تقارير ديوان المحاسبة التي تصدمنا بين فترات قصيرة بمخالفات مالية جسيمة وبمئات الملايين.
ان تعديل الدوائر ليس هو الحل ياسادة، فالحل واضح وضوح الشمس في رابعة النهار وهو سهل جدا، ويتمثل بزيادة التفهم لحاجات المواطنين وتطلعاتهم الناتجة عن معاناتهم اليومية وقلقهم على مستقبلهم ومستقبل اجيالهم، فهم لايستوعبون العجز الحكومي المتنامي بقوة عن حل مشاكل أضحت مزمنة عندنا، فلماذا لم تحل مشكلة طوابير الاسكان، وتردي الخدمات الصحية والكهرباء والازدحام وتراجع مستوى التعليم وفرصه، وتزايد الجريمة وتفشي الرشوة والواسطة والمحسوبية باختيار المناصب من أعلى السلم الوظيفي حتى أدناه، فقناعة المواطن ببرامج الحكومات وثقته بإصلاحاتها تكاد تكون معدومة، اضافة ان الرغبة بالاصلاح ومكافحة الفساد وتعزيز مبدأ المحاسبة ضد المفسدين والمقصرين هي التي تعلو في هذه المرحلة في محيطنا العربي والذي عبر عنه الربيع العربي الذي شهدته عدة دول عربية، فنحن نتأثر ونتفاعل مع امتنا نألم لألمها ونفرح لفرحها فنحن جزء منها وهي منا.
ونصيحتي المخلصة للحكومة ان تكون صالحة مصلحة، عاملة فاعلة، قريبة لا بعيدة، متواضعة لا متعالية، متفهمة لا متجاهلة، وان تتسع التشكيلات الحكومية القادمة لتمثيل شعبي أوسع، وان يتولى مواطنون حقائب وزارية مقتصرة على أبناء الاسرة، فهذا دليل ثقة من الحكومة بشعبها، فأما تعديل الدوائر الانتخابية وتفصيلها بالمقاس على برلمان مهادن متخاذل فهو عبث ضائع وهروب من الحل الامثل والأنجع، فلا نخدع أنفسنا ياسادة.