أقلامهم

ياسر الصالح: المعالجة الأمنية للاحتجاجات السلمية في تيماء، سيعزز التوصيف العنصري والطائفي للنظرة الرسمية لموضوع البدون.

بدون مشكلة البدون 
د. ياسر الصالح
هناك من يعتقد ويصرح بأن عدم المعالجة الصحيحة والعادلة للمرض المزمن، المسمى بقضية البدون، وراءه أسباب عنصرية تختص بذوي الدماء الزرقاء في مواقع اتخاذ القرار، ويرد عليه البعض بأن تصنيف الفئات التي ينتمي إليها غالبية البدون لا تختلف عن فئات من تم تجنيسهم في السبعينيات، وتم السماح لهم بازدواج الجنسية.
ويقول هذا البعض إن القضية في الواقع قضية طائفية بلباس أمني، ويدللون على ذلك بظهور بعض الوثائق السرية أيام الغزو حصلت عليها بعض مجاميع المقاومة الداخلية، حيث تبين هذه الوثائق، كما يقولون، أن أساس المشكلة مرتبط بالموقف الطائفي من شريحة كبيرة من البدون، وأنه أحد إفرازات الاصطفافات الداخلية والخارجية التي صاحبت حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران في الثمانينيات.
ما نعتقده نحن، نتيجة معايشتنا القريبة لسنوات عديدة لهذه القضية، هو أنها ابتدأت طائفية بلباس أمني واستمرت كذلك، ولكن دخلت عليها عوامل أخرى، خصوصا في فترة ما بعد الغزو، لها طابع فئوي وعنصري وكذلك اقتصادي يتعلق بإمكانيات الدولة المالية، وقد ظهرت هذه العوامل بشكل واضح، بعد أن دخل أعضاء مجلس الأمة كجهة مؤثرة في وضع المعالجات لهذه المشكلة.
التداخل بين جميع هذه العوامل وتفكيكها يحتاج إلى إرادة تستطيع أن تتصدى لكل أنواع الضغوط التي يمثلها الطائفيون والعنصريون الفئويون، وتحتاج إلى إعادة قراءة للوضع الاقتصادي والأمني، وموازنتهما بطريقة منفتحة مع المردودات الاقتصادية والأمنية الإيجابية التي سيتم الحصول عليها في حال تم حل المشكلة، ومزاوجة ذلك كله مع الخسائر الأمنية والاقتصادية التي نتجت وستنتج من المماطلة في حل المشكلة، خصوصا بعد ما حدث من دخول العامل الإقليمي بعد العامل الدولي كطرف مباشر في هذه القضية.
مشكلة البدون مشكلة إنسانية بشكل أساسي، ويجب مقاربتها من هذا المنطلق أولا، وستكون مقاربتها بهذه الصفة دافعا للتغلب على العوامل المعيقة والضاغطة الظالم منها والموضوعي.
ما يتم حاليا من معالجات أمنية في التعامل مع الاحتجاجات السلمية التي تجري في تيماء، وعدم تحديد أماكن بديلة للتعبير السلمي بطرق قانونية كساحة الإرادة، أسوة بما هو مسموح لبقية فئات المجتمع، سيعزز التوصيف العنصري والطائفي للنظرة الرسمية لموضوع البدون ولن يوقفها.
ونود هنا أن نلفت انتباه الإخوة البدون وأقاربهم من الكويتيين إلى أن في «الأغلبية» البرلمانية السابقة أولئك الأشخاص الذين يعلنون في الإعلام وعلى الإنترنت وقوفهم معكم بدوافع مبدئية، ولكنهم في الواقع يفعلون ذلك نكاية في الحكم والحكومة، وليس بدافع الوقوف مع حقوقكم، ويتكشف هذا بوضوح عند معرفة مواقفهم الحقيقة خلف الأبواب المغلقة في لجان مجلس الأمة، وبشكل خاص في لجنة البدون وحقوق الإنسان والمرأة.
مشكلة البدون متعددة الأسباب والمتسببين، وتجب معالجتها من قبل الحكم والحكومة بأقصى سرعة، وتفويت الفرص على الداخل المناوئ والجاهل، وعلى الخارج المتربص.