أقلامهم

عبداللطيف الدعيج: مجلس الامة الحالي سيبقى شرعيًا حتى تعلن اغلبيته عدم تعاونها مع الحكومة

فشلوا في حلِّه دستورياً.. فحلُّوه غوغائياً!
عبداللطيف الدعيج
يوماً بعد يوم، يتبين لكل من يملك ادنى بصيرة ان جماعة السموم الكويتي بعيدون عن السياسة، وعن الكياسة وبالتأكيد بعيدون جدا عن الديموقراطية وعن الانظمة المدنية التي يدّعون انهم يدْعون للمفقود ويصونون الموجود منها. موقف صقورهم من مسألة توقيف امن الدولة للسيد جدعان بن هذال يؤكد ان الجماعة لا يزالون يعيشون في العصور السابقة. وانهم لم ينتقلوا بعد الى المجتمعات المدنية الدستورية التي يعيبون على النظام هنا في التقصير في الوصول اليها. لا يمكن لمن يدعو الى الحكم الدستوري والديموقراطي الكامل ان يزعزع اركان الدولة او يعصف بها تلبية لهواجسه ومواريثه القديمة.
طبعا، هذا الموقف وغيره ليس غريبا، وفي الواقع ليس جديدا على الاطلاق على جماعة القطيع الكويتي بكاملهم وعلى مختلف انتماءاتهم وعقائدهم الملونة. فهم على الدوام، وفي كل مناسبة أظهروا تناقضهم والمجتمعات العصرية، واختلافهم السياسي عن النظام والقانون المدني، حتى بغض النظر عن اصله او كنهه. ليس هناك فرق كبير بين مبارك الوعلان الذي عاب على شيوخ القبائل الكويتيين هنا ولاءهم للنظام في الوقت الذي يعترض فيه على توقيف السيد بن جامع لانه شيخ قبيلة وله مكانة غير عن بقية المواطنين. وليس هناك فرق كبير بين رئيس مجلس الامة الذي وضع الحديد في يد الزميل حامد بويابس لانه دخل في خلاف شخصي مع النائب وقتها مفرج نهار، في حين انه يستمتع باعتداء السيد عباس الشعبي على زميله – غصب عليه – النائب محمد جويهل، لا لشيء إلا لاختلافه معه. الجميع متقلب منهم، والطيب فيهم بينه وبين الدستور والقانون والحكم المدني سد من الموروث وحصون من التقاليد البالية.
مواقفهم منذ الاساس، كلها، كانت اعتراضا على الاصول وخروجا على المبادئ وتعديا على قواعد النظام العام ومبادئ الدستور، سواء في قضية الحريات ومطالبتهم بتسكير الصحف والقنوات، او في الايداعات او التحويلات او حتى الشيكات «رغم اننا ايّدنا جزئية منها». ومع هذا وبكل اسف يجدون «تبعا» وامعات من ربعنا تقتفي اثرهم تحت دواعي الحرج ورفع سقف المعارضة. ان الموقف الرافض لمجلس 2009 موقف غوغائي ثورجي على طريقة القطيع العربي كله، لا يستحق المساندة ولا يستحق اصلا الصمت عنه. ان مجلس 2009 مجلس منتخب وفق الدستور ووفق العملية الانتخابية التي يقاتل الآن جماعة القطيع للحفاظ عليها «يا للعجب». ومع هذا فهم ومعهم التبّع – مع الاسف – يعلنون موت هذا المجلس، لا لشيء الا لان بعض انصارهم اجتمعوا في ساحة الارادة. في حين انهم وبوضوح وفي علنية واضحة فشلوا في اسقاطه وفقا للآلية الشرعية والدستورية، وذلك بتحقيق الاغلبية النيابية المنتخبة الكافية لاعلان عدم التعاون مع الحكومة. ان الطريق الوحيد لحل مجلس الامة، اي مجلس امة، هو اعلان عدم التعاون بحيث يختار سمو الامير حله او اقالة الحكومة.. وغير ذلك تعدٍّ على الدستور وخروج على القواعد والاصول. اقلية مجلس الامة حلت مجلس الامة من ساحة الإرادة وعادت بقدرة قادر – بعد العبث في الانتخابات – اغلبية تملي شروطها و«شرعيتها» ليس على مجلس 2012 فقط.. ولكن حتى على المجلس المقبل.
ان الذي يطنطن بالحفاظ على الدستور، والذي يتشدق بالشرعية والتمسك بالقانون كان عليه ولا يزال واجب الانصياع لمبادئ النظام العامة ولمواد الدستور التي وضعت مصير مجلس الامة بيد اعضائه ورغبة سمو الامير وليس تجمهر بعض آلاف من المحرِّضين والمتحمسين. مجلس الامة الحالي سيبقى شرعيا حتى تعلن اغلبيته عدم تعاونها مع الحكومة وحتى يختار حضرة صاحب السمو، وليس غوغاء الارادة، حله.