أقلامهم

محمد الجاسم: التحليل الموضوعي للوضع القائم .. هو الصراع بين فكرة الدولة وفكرة المشيخة

هذا ما يرويه الواقع.. 
محمد عبدالقادر الجاسم
لا يمكن لأي متابع موضوعي للشأن السياسي في الكويت أن يحمل «المعارضة» وحدها مسؤولية تردي الأوضاع العامة في الكويت. فالسلطة تتحمل القسم الأكبر من المسؤولية، باعتبارها صاحبة القرار واليد الطولى في جميع تفاصيل الشأن العام.
إن السلطة هي المسؤولة عن رسم وصياغة الاستراتيجيات، وهي المسؤولة عن تحويل تلك الاستراتيجيات إلى خطط عملية محددة، وهي المسؤولة عن تنفيذ تلك الخطط. أما «المعارضة»، فإنها، وإن كانت تعمل وفق نغم الإيقاع اليومي للأحداث، ولا تملك أي مشروع سياسي، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، حين نتحدث عن أعضاء مجلس الأمة، فإنها لا تتحمل مسؤولية الإخفاق العام في الدولة. صحيح أن تعاطي بعض أعضاء مجلس الأمة لا يتسم ببعد النظر، إلا أن الأمر لا يسع لتحميلهم المسؤولية عن الخلل الكبير الذي تعانيه السلطة.
إن التحليل الموضوعي للوضع القائم في الكويت لا يمكن أن يتجاوز حالة الصراع المستمرة بين فكرة الدولة وفكرة المشيخة. إن التصادم القائم بين الفكرتين هو الأساس الذي ترتفع فوقه أعمدة التصادم السياسي، ففي السلطة هناك من ينظر إلى «وجود» مجلس الأمة على أنه خطأ يجب ألا يستمر، وهناك في السلطة من لا يزال يعتبر «الحرية» منحة يتحكم فيها مانحها، وليست قيمة ملازمة لصفة الإنسان، وفي السلطة لا يزال هناك من يرى أن الصحافة هي التي «تختلق» المشكلات، وأن السيطرة عليها واجبة.. باختصار، في السلطة هناك من لا يزال يعيش بذهنية القرون الوسطى من ناحية الفكر الذي يعتنقه.
وبتقريري ما سبق، لا أنزه «المعارضة» إطلاقا، فأنا أرى أن التصدي الشعبي عموما للعمل السياسي لم ينضج بعد، وهو تصد قائم على اعتبارات لا تقوى على تحقيق الإصلاح أو التطوير، وقائم أيضا على فكرة «البطولات الشخصية»، لكن علينا أن نضع الأمور في نصابها الصحيح.. فالسلطة تتحمل العبء الأكبر لما آلت إليه الأمور في الكويت من انحدار متسارع.