أقلامهم

عمر الطبطبائي: ما نفتقده في مجتمعنا .. أغلب مطالباتنا بدأت بردة فعل واستمرت بروح العناد والانانية

من بين الآراء / فصل الحكاية الذي لا يود قراءته الكثير…! (2)
 
عمر الطبطبائي
في كتابة هذا الفصل سأبتعد عن مجاملة الجميع، وأول من يوجه لهم اللوم على ما وصلت إليه الاوضاع هم «نحن» الشباب، أجل شباب الحراك أو الغالبية منهم الذين أخذوا على عاتقهم مواجهة الفساد ورموزه لعدة أسباب أهمها ترك الساحة السياسية للنواب دون العمل كجماعات ضاغطة عليهم لثقتنا ببعضهم على العمل في تحقيق الأولويات التي اتفقت عليها غالبية الجموع الشبابية الشعبية مما شكل فراغا ومساحة ساعدت في تهاون نواب الغالبية على تحقيق مطالب الامة والضغط عليها.
التفتت الغالبية الشبابية الى نفسها، فمنهم من ابتعد نهائيا عن الساحة ومنهم من اقتصرت مساهماته في تويتر أو الكتابة، ومنهم من يواصل الليل بالنهار لتشكيل حزب أو مجموعة عمل لأهداف شخصية بحتة أهمها القيادة من أجل القيادة دون أسس وأهداف واقعية أو رابط أيديولوجي يربط بعضهم ببعض، ومنهم من انحصر تفكيره بتلميع نفسه لغرض انتخابي بحت، ومنهم كذلك من اتخذ من نفسه مقلبا كبيرا بأنهم من كانوا المحرك الرئيسي والفعلي لكل الحراك ولولاهم لما كانت تجمعات ساحات الإرادة والصفاة والعدل، ونجد أيضا من نصب نفسه حارسا شخصيا لنائب أو اثنين لا يسمح لكائن من كان أن ينتقد أداءه وأخطاءه وذهبوا أبعد من ذلك في تقمص شخصية بعض النواب وتقليد أساليب خطاباتهم الـ «مش» محترمة، وعلى فكرة أنا لا أبتعد كثيرا عمن اقتصر دوره في تويتر والكتابة، فغالبيتنا «الشباب» ساهمنا في طريقة أو أخرى بترك دورنا الفعلي بالضغط على النواب الذين تبنوا مطالب الأمة، واقتصر دورنا على أن تكون تحركاتنا ردات فعل لا أكثر.
ما كان علينا فعله هو أن نكون الفعل من خلال الاستمرار في الحراك الشعبي وتحويله من حراك يطالب بتغيير رئيس مجلس الوزراء السابق الى حراك يهتم بالضغط على النواب وتحديدا على نواب الغالبية في تسخير الإمكانات والسبل كافة لتحقيق كل الأولويات الرئيسية ولا يقتصر دورنا في الضغط فقط، إنما أيضا التركيز الكامل في عملية تثقيف المجتمع وشرح أهمية كل مطلب وانعكاساته الإيجابية على مجتمعنا بالتعاون مع جمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني من خلال طرق عديدة منها الندوات وزيارة الدواوين وفتح قنوات مع القوائم الطلابية الجامعية والرسائل الاعلامية عن طريق اليوتيوب وغيرها من ابداعات شبابية تساهم في توعية المجتمع حتى نخلق أرضية صلبة من الثقافة نبني عليها مطالبنا ونحققها عن قناعة.
في الدول المتقدمة لا يتم أي تغيير الا عندما تصبح أهداف التغيير «ثقافة مجتمع»، ولا تقوم هذه الثقافة الا من خلال نضال سلمي حقيقي صادق هدفه بناء وطن على أساسات صلبة، وهذا ما نفتقده في مجتمعنا فأغلب مطالباتنا بدأت بردة فعل واستمرت بروح العناد والانانية، فالمغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح وأجدادنا رحمة الله عليهم بنوا الكويت المدنية لنا ولم يتسنَ لهم عيش كويت الحاضر، لكن لم يمنعهم ذلك من البناء، فلماذا لا نتعظ ونترك أنانيتنا على تحقيق كل شيء في عهدنا دون أسس وثقافة تستند عليها الأجيال القادمة؟
نحن ندرك كل الإدراك بأن جميع مطالبنا إن تحققت وفق معطيات مجتمعنا الحالية، فإنها ستتحقق حبرا على ورق فقط، فلا يمكن لأولوياتنا النجاح الحقيقي في ظل مجتمع سخيف جدا بعنصريته وقبليته وطائفيته الأمور التي تعتبر عوائق غير ملموسة تقف أمام نجاح أولوياتنا فعليا لا ورقيا فقط، وهذا ما يجرنا الى أهمية ترتيب الأولويات والعمل على تحقيقها خطوة بخطوة حتى نبني الطريق السليم لكويت ديموقراطية حقيقية.
نعم اللوم الأول يقع علينا كشباب الحراك في التفكك والتخلي عن دورنا الحقيقي في ممارسة الضغط على نواب الغالبية سواء عن قصد أو غير قصد ومحاولة بناء الأولويات من دون أساسات ثقافية وإن كانت مستحقة إلا أنها ستهوى في يوم ما…. الفصل لم ينتهِ بعد!
د ا ئ ر ة م ر ب ع ة:
مجتمع لا يصحو إلا عند حدوث مصيبة… ثم يتركها دون أي حل ليمارس نشاطه في النوم وكأن شيئا لم يكن!