أقلامهم

وليد الرجيب: الشباب قوة هامة وحيوية ومبادرة، بينما النواب وتكتلاتهم فأولوياتهم وحساباتهم انتخابية بحتة.

أصبوحة / تمرد الشباب على النواب
وليد الرجيب
في بداية الثورات العربية وخاصة الثورة المصرية، عندما قيل إنها من صنع الشباب فقط وصنع «الفيس بوك»، ثم تشكلت على إثر ذلك مجموعات شبابية ثم انضوت تحت «اتحاد شباب الثورة» في مصر، وبغض النظر عن رأينا حول الفئات المختلفة عمرياً وطبقياً وثقافياً وسياسياً المشاركة في الثورات العربية، كنا متأكدين من أحد أمرين، إما أن تتبلور هذه الحركات الشبابية في هيئات وأحزاب سياسية، وإما أن تتلاشى وتتفرق، وهو ما حدث وأعلن عنه اتحاد شباب الثورة في بيان حل أنفسهم واعتذارهم للجميع لأنهم احتكروا الفعل الثوري بهم.
وفي الكويت تشكل العديد من المجاميع الشبابية، بعضها تابع لتنظيمات موجودة أو منسلخة عنها وبعضها مستقل نسبياً، وكما هي العادة فقد استغل عدد من النواب المبادرات الشبابية واستولوا على المنصة والميكرفون، وقادوا الشباب وكأنهم هم أصحاب المبادرة مثلما حدث في العام 2006 في حركة «نبيها خمس» وما تلتها من تحركات مثل «ارحل نستحق الأفضل».
فالشباب قوة هامة وحيوية ومبادرة، لا يجب أن يستهان بها كما لا يجب أن تعطى أكبر من حجمها، بينما النواب وتكتلاتهم فأولوياتهم وحساباتهم انتخابية بحتة، ومع غياب التنظيمات الوطنية التي أصبحت تقاد من خلال نوابها وليس العكس للأسف، يصبح اللاعب الأساسي في الساحة المطلبية الشعبية والإعلامية هي التكتلات النيابية.
كان سقف الخطاب في تجمع ساحة الإرادة الأخير والذي دعا له تجمع نهج عالياً، ومع ذلك لا يوجد توافق أو حد أدنى من التنسيق بين أعضاء كتلة الغالبية النيابية حول مفردات الإصلاح السياسي ومنهجيته أو أولوياته، فهناك قوى ترفض تشريع قانون للأحزاب وتحرمها شرعاً أو تدعي بأن الأحزاب ستفتت الشعب الكويتي، والواقع أن الأحزاب ستفقدهم فردانيتهم، والبعض يرى أن الخطوة الأولى والأهم لهذا الإصلاح هو الدائرة الواحدة، وهكذا لا يمكن تحقيق أي إصلاح سياسي جدي إلا بتوافق وطني، ضمن ورقة واحدة وخطاب واحد، وضمن تكتيك سياسي أنضج من التكتيك الانتخابي وأكثر سمواً.
ولا يمكن أن يكون هناك اجماع وتوافق إلا في القضايا الوطنية الكبرى، مثل قضية الاحتلال وديوانيات الاثنين 1989 1990 للمطالبة بعودة الحياة الديموقراطية ورفض ما سمي بالمجلس الوطني، وهناك قضايا وطنية تجمع توافقا أقل مثل رحيل رئيس الوزراء السابق وضد الفساد في قضية الإيداعات المليونية، بينما المطالب الاجتماعية والمعيشية لا يتبناها إلا اتحادات العمال والتنظيمات التي تتبنى العدالة الاجتماعية، بسبب اختلاف المصالح الطبقية بين التنظيمات السياسية، سواء كانت ليبرالية أم إسلامية.
وفي الفترة الأخيرة تشكلت تجمعات شبابية قد تتحول إلى تنظيمات سياسية، مثل حركة حدم وحدش (الحركة الديموقراطية الشعبية) وحركة كرامة، وميزة هذه التجمعات أنها قوى غير ممثلة بالبرلمان ومعارضتها واضحة، ولا ترتبط بالقبيلة أو الطائفة أو الفئوية، كما أن معظم أفرادها يتحدرون من فئات متوسطة أو محدودة الدخل، ولا تفكر بخوض الانتخابات النيابية وترفض الانقياد للنواب الذين ثبت أن أولوياتهم هي الانتخابات والدعاية لها من خلال التجمعات والتحركات الشعبية، وقد تشكل هذه التجمعات أرضية لقوى وطنية جديدة.
ومع ما تمر به البلاد من أزمة سياسية خطيرة، واشتداد الاستقطابات الطائفية والقبلية والفئوية، تصبح الحاجة إلى توافق من قبل التنظيمات السياسية على أسس وطنية، بعيداً عن الأسس الضيقة سواء كانت انتخابية أم أسسا أيديولوجية وأجندات ضيقة، كما يصبح من الضروري تكوين تجمعات وتنظيمات جديدة لا تتوافق مع أطروحات النواب، أقلية كانوا أم أكثرية، ولها مصلحة حقيقية بالإصلاح.