أقلامهم

عبدالهادي الجميل: من حسن حظ كتلة المعارضة أنها اكتشفت ردة فعل الشباب تجاهها في ندوة المناور، ولم تكتشفها في صناديق الاقتراع

ضحك كالبكا
اختاروا… الدستور أو البحر؟!
كتب عبدالهادي الجميل
 
عندما تضرب العاصفة سفينة في أعالي البحار وليس بالقرب منها مرفأ تلجأ إليه، فإنها تضطر إلى مواجهة قدرها المخبوء في قلب العاصفة. قد تنجو السفينة إذا كانت تحظى بربّان ماهر محنّك وبحّارة شجعان متكاتفين لا يفكّرون بأنفسهم، ولا ترتعد فرائصهم في العواصف ولا ترتج عقولهم في الشدائد.
يضطر الربّان في أحيان كثيرة إلى القيام ببعض الإجراءات الإجبارية المؤلمة عند شعوره بعدم قدرة سفينته على تحمّل ضربات الأمواج العاتية، فيأمر بالتخلص من كل ما على ظهرها وما في بطنها من أحمال غير ضرورية، وذلك بهدف تخفيف وزنها كي تصبح قادرة على الانسياب صعودا ونزولا مع جبال الأمواج الضخمة، كما قد يضطر في أحيان نادرة إلى التخلّص من بعض البحّارة متى ما شعر بأنهم يتصرفون بطريقة تعيق جهود الطاقم أثناء مواجهة العاصفة!
تمر كتلة المعارضة- في هذه الفترة- بأزمة حقيقية تختلف كثيرا عمّا كانت تواجهه من أزمات يفتعلها أتباع الحكومة وقوى الفساد. خطورة الأزمة الحالية تأتي من كونها أزمة داخلية تنبع من مؤيّديها الشباب الذين أبدوا استياءهم من خطاب كتلة المعارضة في ندوة أسامة المناور يوم الاثنين الماضي، وأصدروا- إثر ذلك- عدة بيانات أعلنوا فيها خيبة أملهم الكبيرة من طريقة الكتلة في إدارة الأزمة السياسية التي تعصف بالكويت حاليا. ويبدو أن القوى الشبابيّة قد أخذت على عاتقها-أخيرا- مسؤولية إنجاز الأعمال التي تقاعست الكتلة عن انجازها منذ توقّف الحراك الشعبي في الشتاء الماضي!
ولعل من حسن حظ كتلة المعارضة أنها اكتشفت ردة فعل الشباب تجاهها في ندوة المناور، ولم تكتشفها في صناديق الاقتراع!
الآن تواجه كتلة المعارضة مشكلتين، تكمن الاولى في كون الكتلة تعتبر نفسها الممثل الشرعي والوحيد للمعارضة الكويتية، فاستخدمت مطالب الاصلاحات الدستورية كورقة انتخابية تارة وكسلاح تكتيكي في مواجهة الحكومة تارة أخرى، فأصبحنا نرى سقفا مطلبيا متغيّرا، يرتفع نهارا وينخفض ليلا.
المشكلة الثانية تكمن في ظهور بوادر انشقاق في صفوف الكتلة، بسبب تزعزع مواقف بعض نوّابها ومحاولتهم التملّص من التزاماتهم تجاه الاصلاحات الدستورية المُنتظرة.
أظن بأن أمام كتلة المعارضة فرصة ذهبية قد لا تتكرر مرة أخرى، فهذا الوقت هو الأنسب لإصلاح خلل البوصلة والتخفيف من أحمال السفينة تمهيدا لتوجيهها في الاتجاه الصحيح، ولا يمكن أن يتم ذلك دون التخلّي فورا عن حسابات الربح والخسارة والتكتيكات الانتخابية، فمن يبني دولة لا يجب أن يهتم برقم أو صندوق أو كرسي.
 على الكتلة- إن هي أرادت تجاوز العاصفة الحالية- أن تعتمد على الشباب في إنقاذ السفينة وأن تتبنّى مطالبهم بشكل جدّي مُلزِم لكل أعضائها، ومن يرفض ذلك يجب أن يُرمى في البحر على الفور. وكبداية، أقترح تخفيف حمولة السفينة من معارضي الإمارة الدستورية وأصحاب النزعات الفردية ومدمني الانتخابات الفرعية.