أقلامهم

غانم النجار: تقديرات السلطة كانت تشير إلى حصول نواب الشعب على ما لا يقل عن 30 مقعداً بانتخابات 1967، فقررت بصورة مستعجلة تزوير الانتخابات.

جاسم القطامي وتزوير الانتخابات
د. غانم النجار
انتهى الفصل التشريعي الأول لمجلس الأمة (1963-1967) وأكمل مدته الدستورية، إلا أنه مر بأزمات  كادت أن تئد الحياة البرلمانية في مهدها، الأولى هي انسحاب قرابة 30 نائباً من جلسة قسم الحكومة سنة 1964 ما أدى برئيس الوزراء إلى تقديم طلب عدم تعاون للأمير الذي رفض حل المجلس. أما الأزمة الثانية فكانت استقالة 8 نواب بعد وفاة الشيخ عبدالله السالم احتجاجاً على إصدار البرلمان قوانين مناهضة للدستور من ضمنهم جاسم القطامي، أما الأزمة الثالثة فكانت حل المجلس البلدي في مايو 1966 لاستنزاف ميزانية التثمين التي حددت بـ200 مليون دينار ما يعني أن  ذلك الوقت  كان  كله أزمات من النوع الثقيل تتجاوز أزماتنا الراهنة وربما تجعلنا  نستوعب أن الصراع الحقيقي هو بين السلطة والدستور على اعتبار أنه خطأ لابد من إصلاحه، وزاد اشتعالاً بعد وفاة الشيخ عبدالله السالم، ولكن لذلك حديثاً آخر. بعد استقالة النواب الثمانية، قرروا تشكيل تحالف واسع لتعزيز المكاسب الدستورية وخاضوا انتخابات 25 يناير 1967 بقائمة واحدة تحت اسم نواب الشعب، وكانت تقديرات السلطة أن نواب الشعب سيحصلون على ما لا يقل عن 30 مقعداً، فقررت بصورة مستعجلة تزوير الانتخابات بشكل مباشر، وجيء بخبراء تزوير انتخابات من دولة عربية إلا أن التنفيذ كان بدائياً ومكشوفاً، وقدم 7 من النواب الفائزين استقالتهم وهم عبدالعزيز الصقر ومحمد الخرافي وخالد المسعود ومحمد العدساني وعلي العمر وعبدالرزاق الخالد وراشد الفرحان احتجاجاً على التزوير، وصدرت البيانات المنددة، وتم عقد اجتماع جماهيري حاشد، إلا أن القيادة فاجأت الجماهير الغاضبة بأنها ستستمر في النضال السلمي لتحقيق مطالبها في الإصلاح السياسي، وأنه لن يكون هناك أي أنشطة مخالفة للقانون أو أي استخدام للعنف. طلبت من جاسم القطامي توضيحاً لذلك الموقف، فقال: “لقد كنا أمام قرار صعب حيث إن العنف قد يؤدي إلى العنف وقد تسقط أرواح، خاصة أنه وصلتنا رسائل بصدور أوامر لأجهزة الأمن باستخدام الرصاص الحي تجاه أي تحرك سلمياً كان أم غير ذلك، فحرصاً من قيادة التحالف الانتخابي على حقن الدماء تقرر تجميد الأنشطة، فقد كان الجمهور المحتشد مستعداً لعمل أي شيء للتعبير عن سخطه وغضبه على سلوك الحكومة”، وتساءل: “هل كان ذلك القرار صائباً؟ وهل لو أننا خرجنا في صدام مع السلطة كانت ستسقط ضحايا؟” وأجاب:  “من الصعب الجزم بهذا الأمر اليوم، ولربما كنا مخطئين، بل إنه ربما كان بإمكاننا القيام بأنشطة احتجاجية متنوعة قد لا تصل بالضرورة إلى الصدام المباشر، ولربما لو كنا قد قمنا بذلك لتغير مسار الأحداث”. قالها بكل شفافية، ولذلك لم يكن هناك بد من المواجهة السلمية بعد حل المجلس وتعليق الدستور سنة 1986، وكانت انطلاقة الحركة الدستورية أو ما عرف بديوانيات الاثنين من ديوانية جاسم القطامي، فهو كما هو على العهد. وللحديث بقية.