أقلامهم

حسن جوهر: الكل تقريباً يساهم من حيث يشعر أو لا يشعر باستمرار هذا الوضع المريض

ليش زعلان!
د. حسن عبدالله جوهر
منذ عام 1996 حتى 2012 تم حل كل المجالس خلال هذه الفترة لأن الحكومة لم يعجبها العجب، والمجلس الوحيد الذي طبّلت له هو مجلس القبيضة! فمن نلوم ولماذا نزعل؟ فالناخب يجب أن يكون هو الناخب لا أن يتحول إلى مجرد ناحب!!
مفارقة عجيبة أن يتفق عموم أهل الكويت، كتيارات أو مجاميع أو حتى كأفراد بأن البلد في حالة “توهان”، ولكن الأعجب أن الكل تقريباً يساهم من حيث يشعر أو لا يشعر باستمرار هذا الوضع المريض إما من خلال تعزيز وتكريس الاصطفاف الضيق، وإما بالتطبيل والتمجيد لشخص أو لفئة الخصم الآخر، وبات شعار “بغضاً بالطرف الآخر” هو سيد الموقف تقريباً قي كل شيء.
فنظام الدوائر الخمس بأربعة أصوات انتخابية صار اليوم “كخة” لسبب واحد فقط هو أن نتائج انتخابات 2012 المبطلة أوصلت كتلة برلمانية كبيرة قوامها 35 نائباً يشكلون قوة مهيمنة ذاتية دون الحاجة إلى صوت حكومي واحد لتقرير ما تشاء تشريعياً ورقابياً.
وكأن هذا النظام الانتخابي لم يأت بمجلسين متتالين في عام 2008 و2009 وبتركيبة مختلفة لكنها كانت على هوى الكثير من الناقمين على مجلس 2012، فالحقيقة هي أن الناس تغيّرت وليس الدوائر الانتخابية، ونفس الناخبين الذين صوتوا لأربعة مرشحين سنة 2008 هم لا غيرهم انتخبوا أربعة آخرين في عام 2009، وهم أيضاً أنفسهم اختاروا أربعة مرشحين جددا في عام 2012، والكثير من الأسماء التي فازت في الانتخابات الأخيرة كانت ضمن قائمة المرشحين منذ عام 2008، بل الأهم من ذلك أن الدوائر الخمس دون استثناء شهدت تغييرات جذرية وواسعة في تركيبة نوابهم، فـ”لماذا الزعل”؟!
وإذا كان نفس هؤلاء الناخبين المحبطين والمستائين من تركيبة المجلس الأخير المبطل قد ندموا على اختياراتهم، ورأوا أداء ذلك المجلس “الحلم” كأنه كابوس، فلديهم الآن فرصة لإعادة التفكير وتصحيح الاختيار في الانتخابات المرتقبة.
فالعلة في اختيار الناس والدوائر الانتخابية بريئة من ذلك، والتقسيمات الانتخابية المختلفة خير دليل على ذلك، فمع بداية العهد الديمقراطي جاء أول مجلس حكومي بحت ولفظه الكويتيون في انتخابات 1967، لكن الحكومة زورت النتائج، ثم جاء مجلس 1971 على هوى الحكومة وسرعان ما غيره الناخبون عام 1975 بمجلس ذي مخالب ومطالب وطنية استعاد الثروة النفطية للشعب ولكن الحكومة لم تبلعه، فحلته بشكل غير دستوري!
وفي عام 1981 غيّرت الحكومة الدوائر إلى 25 دائرة فجاء المجلس ودخل جيب الحكومة، ثم فطن الشعب لألاعيب الحكومة ونوابها فاختاروا مجلساً شرساً في 1985، والذي حُل أيضاً بشكل غير دستوري انتقاماً من الإرادة الشعبية!
ومن جديد رد الكويتيون على خيار الحكومة في المجلس الوطني بمجلس 1992 الذي فرض ستة وزراء من النواب كانوا بالفعل شوكة شعبية في بلعومها.
وتكرر السيناريو منذ عام 1996 حتى 2012، حيث تم حل كل المجالس خلال هذه الفترة لأن الحكومة لم يعجبها العجب والمجلس الوحيد الذي طبّلت له هو مجلس القبيضة! فمن نلوم ولماذا نزعل؟ فالناخب يجب أن يكون هو الناخب لا أن يتحول إلى مجرد ناحب!