أقلامهم

ذعار الرشيدي: لا بأس من أن يتحول رئيس الوزراء إلى صحافي ولو ليوم واحد

الصحافي جابر المبارك!
ذعار الرشيدي 
إذا أردت أن تجري تحقيقا صحافيا حقيقيا فعليك أن تدخل من الأبواب الخلفية للوزارات حيث تقع مكاتب صغار الموظفين المنسيين والذين لا يعرفهم أحد عادة، لا أن تدخل من الباب الأمامي حيث مكاتب المسؤولين، فالمسؤولون سيبلغونك أن كل شيء على ما يرام وأن وزارتهم أحسن وأفضل وزارة في العالم ولا تستغرب إذا وجدت المسؤول يصف وزارته بأنها أفضل من «ناسا»، أما المنسيون في الوزارات من المغضوب عليهم من النشيطين وأصحاب الكفاءات المهملة والملقاة في ثلاجات التجميد فيملكون الحقيقة، فاذهب إليهم واسألهم عن أي حال من أحوال الوزارة وسيخبرونك بالعجب العجاب، ويبلغونك بما لم تكن تتصور، ويدلونك بكل صدق على مكان السرقات ومطابخ الميزانيات والعقود وما يجري فيها، بل يرشدونك إلى كوارث القرارات الإدارية التي يصدرها الوزير والوكلاء، لذا إذا كان هذا المبدأ البسيط الذي اعتمدته منذ عملي في بلاط صاحبة الجلالة، فأعتقد أنه من الواجب بل من المنطقي أن يتبعه سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك إذا ما أراد أن يعرف حقيقة ما يجري في كل الوزارات.
***
نعم هي دعوة حقيقة لرأس الحكومة، إذا ما أردت سموك أن تعرف الخلل في كل الوزارات، فلا تذهب لوزرائك ولا تسألهم ولا تطلب منهم تقارير لأنهم لابد وحتما سيبلغونك أن «كله تمام يا فندم»، وحتى لو سألتهم عن خطأ فسيكتبون لك تقريرا «ما يخرش المية» بأن الخطأ مبرر، لذا إذا أراد رأس الحكومة أن يعرف مصدر الدم الفاسد الذي يجري في شرايين وزارات حكومته فعليه أن يلجأ إلى المنسيين من الموظفين الذين عادة ما يلقي بهم المسؤولون إلى الأبواب الخلفية للوزارات، وليسألهم وسيخبرونه بما يشيب له رأس الولدان.
***
إن الوزراء يجملون تقاريرهم التي يرفعونها إليكم، ويكحلونها، ويزينونها، ويزفونها إليكم كما لو كانت أجمل الجميلات، في حين أنك لو أزلت عن تلك التقارير مكياج الوزير لكانت النتيجة امرأة قبيحة جدا.
***
الحقيقة دائما مرة، بل إن الحقيقة دائما ما تكون أبشع من الواقع الذي نجمله بأكذوبة «كله تمام يا أفندم»، جمال الأكاذيب يجعلنا نخسر الملايين سنويا، في حين أننا لو لجأنا إلى طرح الحقيقة «الجيكرة» لوفرنا تلك الملايين ولكان بلدنا أجمل بلدان الدنيا، ألا ترون أن القبح أحيانا هو الوجه الآخر للجمال؟!
***
لا بأس من أن يتحول رئيس الوزراء إلى صحافي ولو ليوم واحد ويطرح الأسئلة الخمسة «كيف؟ ومتى؟ وأين؟ ولماذا؟ ومن؟» ويشرع في كتابة تحقيق صحافي حول أي وزارة يريد ويختار معتمدا على الدخول من الأبواب الخلفية، في هذا اليوم سيكتشف كوارث بل «بلاوي».
***
يمكن لرئيس الوزراء أن يفعل ما هو أسهل من ذلك، وهو أن يطلب كشفا بأسماء جميع القياديين المجمدين والمحالين إلى مكاتب الوزراء، ويجتمع بهم، ويستمع إليهم، ليعرف كيف تدار الوزارات، وأين أماكن الثقوب السوداء التي تبتلع ملاييننا، ومن يبتلعها، ولصالح من.
***
الحقيقة لا تأتي لأحد، من يرد الحقيقة فعليه هو أن يذهب إليها.