أقلامهم

بدر الديحاني: إصلاح الإدارة السياسية للدولة لن يتحقق ما لم يتم التصالح النهائي مع الدستور

الحل بمعالجة أصل المشكلة
د. بدر الديحاني
إن الاعتراف بأخطاء الماضي هو الخطوة الأولى الضرورية، لأنه من المستحيل أن يبدأ نهجٌ جديدٌ ما لم يتم انتقاد أخطاء الماضي التي دعت إلى تبني النهج الجديد، ثم الإعلان مباشرة، وبشكل لا لبس فيه ولا غموض، عن مبادرة سياسية جريئة تتضمن الالتزام بمتطلبات نظام الحكم الديمقراطي كافة.
ليست هذه المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي نتطرق فيها إلى الإصلاح السياسي باعتباره بوابة الإصلاح الجذري والشامل، حيث إنه في ظل غياب الإصلاح السياسي لن يُكتب النجاح لأي إصلاحات جدية أخرى.
بكلمات أخرى، ما لم تُصلح الإدارة السياسية للدولة مع ما يعنيه ذلك من توافر الإرادة السياسية للإصلاح الحقيقي والشامل، فإن أي حديث عن إصلاحات اقتصادية واجتماعية وإدارية وثقافية ورياضية أو إصلاح السلطتين التشريعية والقضائية، يصبح حديثاً فارغاً لا معنى له.
إن إصلاح الإدارة السياسية للدولة لن يتحقق ما لم يتم التصالح النهائي مع الدستور، أي مع نظام الحكم الديمقراطي، لأن بقاء أسلوب الإدارة التقليدي للدولة، أي ما قبل العهد الدستوري، هو الذي شوّه بناء الدولة الدستورية الديمقراطية التي وضع الدستور إطارها العام ما جعلنا نراوح سياسياً.
التصالح مع الدستور يتطلب أولاً وقبل أي شيء آخر الاعتراف العلني بخطأ النهج السابق الذي جرت أثناءه محاولات عدة للتخلي عن الدستور أو الالتفاف عليه، وهو الأمر الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه من فوضى سياسية.
إن الاعتراف بأخطاء الماضي هو الخطوة الأولى الضرورية، لأنه من المستحيل أن يبدأ نهجٌ جديدٌ ما لم يتم انتقاد أخطاء الماضي التي دعت إلى تبني النهج الجديد، ثم الإعلان مباشرة، وبشكل لا لبس فيه ولا غموض، عن مبادرة سياسية جريئة تتضمن الالتزام بمتطلبات نظام الحكم الديمقراطي كافة.
ومن ضمن تلك المتطلبات ما يطرح حالياً على الساحة السياسية كإصلاح النظام الانتخابي، وإشهار الأحزاب، وطريقة تشكيل الحكومة، وتفعيل الدور الدستوري لمجلس الوزراء باعتباره الجهة المختصة برسم السياسة العامة للدولة، وغير ذلك من المطالب الشعبية التي تضمن التحول التدريجي إلى النظام البرلماني الكامل الذي أصبح اليوم أحد المطالب الشعبية والشبابية.
إننا نواجه تحديات كبيرة خصوصاً في ظل ظروف إقليمية وعالمية مضطربة وغير مستقرة، لهذا فنحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى عدم تضييع الجهد والوقت الثمين في الحديث عن مظاهر الأزمة السياسية أو ما ترتب عليها من نتائج وآثار وتداعيات، بل ينبغي علينا التركيز، بدلاً من ذلك، على معالجة أصل المشكلة الذي ترتب عليه تشوّه بناء الدولة الدستورية الديمقراطية، وهو الأمر الذي جعلنا نعيش في دوامة أزمات سياسية متتالية أرهقت الوطن والناس لسنوات طويلة ولم يجعلنا نتفرغ لعملية البناء والتنمية، لأنه من غير الممكن حدوث تنمية حقيقية في ظل وضع سياسي غير مستقر.