أقلامهم

الديين: البيان الصادر باسم كتلة الأغلبية، مع أهميته وارتفاع سقف خطابه، فإنّه يبقى مجرد إعلان نوايا

حتى لا يكون مجرد إعلان للنوايا..!
كتب أحمد الديين
 
من دون انتقاص من أهمية البيان الأخير الصادر باسم كتلة نواب الأغلبية في مجلس 2012 وما تضمّنه من رؤية إصلاحية واقتراحات محددة للمسارات الأربعة السياسية والتشريعية والرقابية والدستورية، إلا أنّه لا يمكن تجاهل حقيقة تحفّظ 17 نائبا سابقا أو حاليا من نواب هذه الكتلة على نقاط رئيسية وردت في هذا البيان، وأهمها إشهار الهيئات السياسية والدائرة الانتخابية الواحدة، بل أنّ بعضهم يصرّ على ضرورة إقحام تنقيح المادتين الثانية والتاسعة والسبعين من الدستور في شأن الشريعة الإسلامية بالمواد الأخرى في الدستور المطلوب تنقيحها لتحقيق الانتقال إلى النظام البرلماني، ما سيؤدي حتما إلى خلط الأوراق وتعطيل إمكانية تحقيق هذا الانتقال… وبالتالي فإنّ البيان الأخير الصادر باسم هذه الكتلة لا يعدو كونه في واقع الأمر بيانا يمثّل مواقف بعض أعضائها وغير ملزم للبعض الآخر!وكذلك فإنّه مع التأكيد على ما أورده بيان هؤلاء النواب السابقين أو الحاليين في شأن والتصدي المستحق لمحاولة السلطة العبث مجددا بالنظام الانتخابي عبر إصدار مرسوم بقانون لا يتوافر له عنصر الضرورة لتغيير عدد الدوائر أو تخفيض عدد الأصوات التي يستطيع الناخب أن يدلي بها من أربعة أصوات إلى صوتين، إلا أنّ الصيغة الواردة في البيان حول كيفية التعامل مع الانتخابات في حال تغيير الدوائر الانتخابية أو نظام التصويت لا تطرح بوضوح خيار مقاطعة الانتخابات، إذ تمت صياغة القرار على نحو ملتبس لا يخلو من التعميم في حدود القول “إنّ كافة الخيارات في التعامل مع هذه الارادة المنفردة واغتصاب سيادة الأمة متاحة لمواجهة هذه الردة الدستورية”… ما يعني أنّ خيار مقاطعة الترشيح ودعوة الناخبين إلى مقاطعة التصويت ليس محل اتفاق كامل حتى الآن على الأقل!
وبعد هذا، فإنّ البيان الصادر باسم كتلة الأغلبية، مع أهميته وارتفاع سقف خطابه، فإنّه يبقى مجرد إعلان نوايا لعدد من النواب السابقين والحاليين الذين ينتمون إليها… وهنا لابد من التوضيح أنّ العديد من التيارات السياسية والكتل النيابية والمجموعات الشبابية سبق له أن طرح منذ بداية العام الجاري مقترحات معلنة للإصلاح السياسي الديمقراطي لا تقل وضوحا عما جاء في البيان الأخير، بدءا من الوثيقة البرنامجية التي قدّمها “التيار التقدمي الكويتي” في يناير الماضي تحت عنوان “نحو برنامج انتخابي للإصلاح والتغيير”، مرورا بالورقة التي أعلنتها “الحركة الديمقراطية المدنية – حدم” للإصلاح السياسي في نهاية شهر يونيو الماضي، وكذلك ما أعلنه “المنبر الديمقراطي” و”التحالف الوطني الديمقراطي” في مؤتمرهما الصحافي المشترك الأخير، وصولا إلى وثيقة “إنقاذ وطن” التي أعلنتها “كتلة العمل الوطني”، حيث لا يمكن التقليل من أهمية هذه الوثائق، وإن تفاوتت، في بلورة المطالب والشعارات والعناوين المطروحة للإصلاح السياسي، ناهيك عن أنّ هناك مقترحات ونقاطا مشتركة وردت في معظم هذه الوثائق والبرامج والبيانات؛ ربما كان أبرزها ضرورة إشهار الأحزاب لتنظيم الحياة السياسية في البلاد وإصلاح النظام الانتخابي، وأحسب أنّه ليس هناك من بديل عن لقاء مستحق يجمع هذه الأطراف معا لتبحث فيه إمكانية اتفاقها، بل ضرورة اتفاقها، على ما هو محل التقاء بينها للتحرك من أجل تحقيق الإصلاح السياسي الديمقراطي المأمول، وذلك بالعمل على شرح هذه المقترحات والمطالب وتعبئة الرأي العام لكسب تأييده، والضغط على السلطة لدفعها إلى قبول هذه المطالب الإصلاحية والإقرار بها… وهذا بالطبع لا يمكن أن يحققه طرف واحد منفردا بمعزل عن التعاون مع الأطراف الأخرى، ومن غير هذا فإنّ هذه الوثائق والبيانات والمقترحات والمطالب جميعها ستبقى مجرد حبر على ورق!