أقلامهم

حسن جوهر: الشعار التبريري الفاشل بأن كل ما يجري على الساحة هو حق يراد به باطل أصبح عقيماً

التالي ما يلحق!
د. حسن عبدالله جوهر
إن المبادئ والقيم لا تقاس بالأفراد إنما هي ذاتية وأصيلة وتلقائية عند أصحابها، وها هي الكثير من المجاميع الشبابية الجديدة والمستقلة والقوى السياسية العريقة بدأت توثق المطالب الإصلاحية وتعزيز الديمقراطية وفق رؤاها، وفي خط مواز مع ما يعرف بكتلة الأغلبية دون أن تكون جزءاً منه.
دنيا السياسية عندنا مقلوبة رأساً على عقب، والمطالبات السياسية الكبيرة في حجمها وتأثيرها آخذة في التصاعد والانتشار على المستوى الشعبي، والحراك السياسي من ندوات ولقاءات وتجمعات بلغت أوجها، وبات الخطاب السياسي الداعي إلى حزمة إصلاحات جذرية ومؤسسية غير مسبوقة يفرض نفسه على الساحة.
ولكن البعض لا يزال في سبات عميق من مجمل هذه التطورات أو يقف في وجهها لأسباب قد يتعلق بعضها بالخوف من نتائج هذا المخاض والشك في نوايا مدعي هذه الشعارات أو خشية من ضياع مصالحها التي ارتبطت بشكل وثيق مع أطراف نافذة سواء في الحكومة أو خارجها.
ومن منظور استشرافي سياسي بحت، وبعيداً عن لغة العاطفة أو الأماني فإن خارطة الديمقراطية الكويتية تسير وبوتيرة متصاعدة نحو تثبيت حزمة من المطالب لعل في مقدمتها وأهمها إعادة رسم الخارطة الانتخابية نحو توسيع نطاق المشاركة الشعبية من خلال الدائرة الواحدة، وتأسيس هيئة عليا مستقلة للانتخابات، إضافة إلى تطوير وإصلاح المرفق القضائي، وتعزيزه بالاستقلالية الكاملة، خصوصاً المحكمة الدستورية، ومجموعة قوانين مكافحة الفساد، والذمة المالية، والتعيينات العليا في المؤسسات الحكومية وفق معايير الاستحقاق والكفاءة والتقييم، وانتهاء بتطبيق خطة تنموية شاملة ودقيقة خاضعة للتنفيذ والمتابعة والمحاسبة.
أما مطلب الإمارة الدستورية والحكومة الشعبية فيفرض نفسه كأطروحة جريئة بقبول مبدئي واسع من قبل مجاميع شبابية متحمسة وتيارات سياسية، وفي رأيي فإن نتائج الانتخابات القادمة سوف تحدّد هذا المسار.
وهذه المقدمة الطويلة نسبياً الهدف منها تنبيه بعض التيارات والمجاميع التي تتصنع السذاجة واللامبالاة تجاه هذه الأفكار المهمة أن تكون شريكاً حقيقياً في صنع المستقبل السياسي لأنهم جزء منه، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستمرار بالنوم أو التطبيل والتهليل لبقايا الفساد الذي انتهت صلاحيته، والحلم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء!
وقد أكدّنا مراراً وتكراراً أن تبني مبادئ الإصلاح ومحاربة أشكال الفساد وقبول آفاق التطور الديمقراطي ليست لها علاقة بأفراد وجماعات، والشعار التبريري الفاشل بأن كل ما يجري على الساحة هو حق يراد به باطل أصبح عقيماً ومضحكاً حقاً، فما الذي يمنع من أن تكون مثل هذه الأطروحات حقاً يراد به الحق عند مدعي الشك وعدم الثقة بالكتل والرموز التي تحملها؟
إن المبادئ والقيم لا تقاس بالأفراد إنما هي ذاتية وأصيلة وتلقائية عند أصحابها، وها هي الكثير من المجاميع الشبابية الجديدة والمستقلة والقوى السياسية العريقة بدأت توثق المطالب الإصلاحية وتعزيز الديمقراطية وفق رؤاها، وفي خط مواز مع ما يعرف بكتلة الأغلبية دون أن تكون جزءاً منها، وأخشى أن ينطبق على بعض المجاميع النائمة المثل الكويتي… “التالي ما يلحق”.