أقلامهم

عواطف العلوي: الحكومة سلطت على رقاب البدون من لا يرحمهم بسيفها المسمى خطأ «الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية».

مندهشة
أما آن للظلم أن ينتهي؟! 
عواطف العلوي
الحق لا يحتاج إلا إلى الإيمان به، للمضيّ قُدما في سبيل نيله مهما كلف من ثمن، فإذا صاحَب الإيمانَ به اجتهادٌ في توعية الملأ وإطلاعهم على ما خفي عنهم من جوانب هذا الحق وحيثياته، كسب أهل الحق عونا يدعمهم ويشد أزرهم ليصمدوا ويتخطوا كل العقبات والعراقيل التي لا تخلو منها مدارج السالكين، هذا ما علّمَنا إياه التاريخ وسير المناضلين الأُوَل عبر الأزمان والدول.
وهل في الكويت حق مسلوب من أهله يستدعي نضالا لأجل استرداده؟! نعم، للأسف، هناك أناس بيننا جُرِّدوا من أبسط حقوقهم ظلما وتعسفا!
وعلى الرغم مما ذكره الدستور الكويتي بوضوح بأن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وأنهم متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أوالأصل أو اللغة أو الدين، فإن الحكومة تجاهلت تلك المادة من الدستور عمدا مع سبق الإصرار والترصد في حق فئة «البدون»، بل وسلطت على رقابهم من لا يرحمهم بسيفها المسمى خطأ «الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية».
هذه الفئة يا سادة تتعرض لحملة قمعية قاسية جدا منذ سنوات، بغرض الضغط عليهم لدفعهم لإبراز هوياتهم الأصلية، فحُرِم أبناؤهم من أبسط حقوقهم الإنسانية التي نصت عليها المواثيق الدولية والدستور الكويتي، فلا تعليم ولا طبابة ولا وثائق ميلاد أو زواج أو سفر أو حتى وفاة، بسبب القيود الأمنية التي تُسجل في ملفات البدون بيد شخص استفرد بحق وضع القيود على من يشاء، بدليل أو من دون دليل!
وعلى الرغم من أن الجهاز نفسه أقر بأن كثيرا من تلك القيود المسجلة على البدون مفتعلة، بلا أساس يبررها، فإنه مستمر حتى اليوم بإذلالهم وقهرهم بها وتعقيد مشكلاتهم أكثر فأكثر بسببها!، متجاهلا أنه ليس مطلوبا من الشخص البدون إثبات براءته من وجود جنسية ثانية، بل على الدولة إثبات عكس ذلك، فإن استطاعت يُرحَّل، وإن لم تستطع فهو مستحق للجنسية فورا، بل والتعويض عن سنوات الحرمان.
أما العنصر الأهم برأيي في قضية البدون، والذي ساهم في تعطيل حلها، فهو الخلل في فهم المجتمع الكويتي لحقوقهم، فالبدون الذين يعيشون على هذه الأرض يدخلون ضمن عهدة الدولة ومسؤوليتها شاءت أم أبت، وعليها أن توفر لهم حقوقهم الإنسانية الأصيلة التي نصت عليها المواثيق الدولية والدستور الكويتي نفسه، كالتعليم والعلاج والتقاضي واستخراج الوثائق المدنية اللازمة.
بالله عليكم، كيف ننام بأمان ونحن نعرف أن بيننا أناسا تم نبذهم عنصريا وإقصاؤهم عن المشهد قسرا فتولدت لديهم مشكلات تتراكم وتكبر ويعانيها أبناؤهم، فيتنامى شعورهم المرير بالعزلة والظلم ليتحولوا إلى قنبلة موقوتة قد يشتعل فتيلها في أي لحظة؟!
البدون يا إخوتي قضية وطن، ولأجل الوطن وأمنه وسمعته، آن لهذا الظلم أن ينتهي!