أقلامهم

إبراهيم العوضي: هل تملك الحكومة الجرأة الادبية والأخلاقية والمهنية في ايجاد حل سريع لمشكلة «الكويتية»؟

اجتهادات / حكومات الإدارة الموقتة للأزمات
ابراهيم أديب العوضي
تتكرر مآسي الخطوط الجوية الكويتية حتى أصبحت هذه المؤسسة العريقة التي يعود تاريخ تأسيسها الى أكثر من 55 عاما مضت عرضة في أي وقت لا قدر الله الى كارثة جوية محتملة بعد أن كثر الحديث وزاد اللغط حول سلامة طائراتها وكفاءة صيانتها ومدى قدرتها على التعامل مع الظروف الطارئة. ولعل ما يزيد تخوفنا تلك الحوادث المتكررة التي شابت الرحلات السابقة والتي كان أبرزها الرحلة المتجهة الى جدة والتي اضطر من خلالها قائد الطائرة الى اتخاذ اجراء الهبوط الاضطراري بالاضافة الى مأساة الطائرة المتجهة الى نيويورك وتوقف ركابها لساعات طويلة في مطار فرانكفورت وتأخر الرحلات الاخرى لساعات طويلة نتيجة لحدوث خلل في أجهزة الكمبيوتر، بالاضافة الى حدوث اعطال متكررة لعدد من الطائرات في نظام الاضاءة والتكييف لتزداد معاناة ركابها في ظل هذا الصيف الحارق.
ولعل ما يزيد الامر دهشة واستغرابا هو الاجراء الذي قام به وزير المواصلات بايقاف العمل بعدد من الطائرات حفاظا على سلامة الركاب ومنعا لحدوث اي كارثة أخرى، ولعل استغرابي هنا ينبع عن أسباب توقيت هذا القرار، وهل كان معالي الوزير ينتظر وقوع حادثة جدة حتى يتخذ هذا القرار؟ وهل كان المسؤولون لا يعلمون بحال الطائرات التابعة للمؤسسة وحجم المبالغ التي تصرف على تلك الطائرات لاتمام أعمال الصيانة؟ وهل كان القرار سيصدر لو سارت الرحلة المتجهة الى جدة بسلام؟ لكن في حقيقة الأمر، أن يأتي القرار متأخرا خير من ألا يأتي.
كما انه من المحزن حقا، ان ما حدث وما نتج عن تلك الحوادث من قرارات قد تسبب في خفض ساعات التشغيل للعام الحالي بواقع 12 ألف ساعة والغاء خطوط مسقط وأبوظبي وجنيف وتقليل رحلات القاهرة ودبي وعمل تعديلات لجداول عدد من الرحلات، ولا شك أن في ذلك خسارة كبيرة جدا على أداء المؤسسة وعلى مصالح المسافرين وتقليل من قدرة الكويتية على التنافس مع شركات الطيران الاخرى وخفض لمؤشر الثقة الذي وصل ولا أبالغ في ذلك الى مرحلة الانعدام. كما انني استغرب ذلك التناقض الصارخ بين قرار الوزير بايقاف عدد من طائرات الايرباص وبين النفي المتكرر لمسؤولي المؤسسة بأن تكون الطائرات متهالكة وغير صالحة وأن ما تحتاجه هذه الطائرات هو مد فترة العمر التصميمي فقط لكي تكون صالحة للطيران، فأي مسؤول نصدق؟
أما حكوماتنا المتلاحقة فهي حكومات التصريف العاجل من الامور لكل أزمة تواجهنا، فقضية «الكويتية» قضية مشابهة لغيرها من القضايا الأزلية المتعددة والتي لا تتوانى فيها الحكومات المتعاقبة عن تأجيل اتخاذ القرار الملائم والحازم بخصوصها حتى تتجنب المواجهة السياسية المعقولة أو حتى غير المقبولة. اليوم الحكومة أمام خيارات واضحة ومحددة لا تقبل القسمة او التأجيل أو حتى المماطلة، فاما أن تتأخذ قرارها بتحديث طائرات أسطول المؤسسة أو استئجار طائرات موقتة لتسيير الرحلات اللازمة وعدم تعطيل مصالح المواطنين وحاجياتهم أو المضي بشكل سريع في تخصيص المؤسسة والتي صدر قانون تخصيصها قبل أربعة أعوام.
لكن يبقى السؤال المعتاد، هل تملك الحكومة الجرأة الادبية والأخلاقية والمهنية في ايجاد حل سريع لمشكلة «الكويتية»؟ اتمنى ألا يكون الجواب وهو كذلك بلا، فمسؤولونا ووزراؤنا متخصصون فقط في الادارة الآنية للمشاكل واتخاذ الحلول الترقيعية لذلك أعتقد انه يمكن أن نجيز لأنفسنا ان نطلق على حكوماتنا المتعاقبة حكومات الادارة الموقتة للأزمات على ان تتبعها جملة (والله الحافظ).