أقلامهم

خالد العوضي: الظروف الدقيقة التي تحيط بنا تستوجب منّا التمسك أكثر بالدستور لا التحايل عليه.

لماذا نقول لا لتعديل الدوائر؟
خالد عبدالله العوضي
بداية لابد من القول ان مطالبات بعض المجاميع بتغيير الدوائر الانتخابية عبر مرسوم ضرورة، هدفها تغيير بعض الوجوه التي يختلفون مع ايديولوجياتها وطرحها لا أكثر، وأما مدى تطابق ما تطالب به مع ما جاء في المادة 71 من الدستور فلم توليه اهتماما كبيرا. فخلافها السياسي مع طرح الحربش والبراك والمسلم واليحيى والعدساني والعنجري والسعدون وغيرهم، جعلها تتناسى حقيقة أن هذه الأسماء أتت وفقا لانتخابات جرت بنظام معظم هذه المجاميع شاركت في وضعه. أما الأسباب التي تدعوني وتدعو كثيرين غيري إلى معارضة أي تعديل للنظام الانتخابي بغير الطرق الصحيحة كثيرة ومتعددة، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
أولا: المادة 71 من الدستور تقول ما نصّه «إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة، أو في فترة حلّه، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون..». فالمادة واضحة ولا تحتمل التأويل. فنظام الدوائر الخمس ليس حدثا تمّ فيما بين أدوار الانعقاد ولا في فترة حل المجلس بحيث يوجب اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير حسب المادة المذكورة.
ثانيا: التغيير الذي يسعى له البعض من المستشارين وغيرهم، ظاهره مصلحة عامة وباطنه مصالح أخرى، وقد لا تكون مصلحة البلد من ضمنها. فتجربة الدوائر الــ 25 لا تزال ماثلة أمامنا، والأسباب التي سيقت في حينها لتبرير تقسيمة الــ 25 لا تختلف كثيرا عن الأسباب، التي تساق اليوم لتعديل النظام الانتخابي من جديد. وللأسف كما صدقها بعضنا بالأمس، يصدّقها اليوم كذلك.
ثالثا: القبول اليوم باستغلال المادة 71 في غير محلها، كما أثبتنا ذلك في أولا، سيفتح الباب مستقبلا على مصراعيه لاستصدار مراسيم ضرورة أخرى قد لا توافق هوى من يدفعون اليوم بهذا الاتجاه. فماذا لو قرّرت الحكومة مثلا استصدار مرسوم ضرورة بإلغاء القانون رقم 5 لعام 2007، المعروف بقانون الرياضة؟ أو تقرر استصدار مرسوم ضرورة يقنّن حق الانتساب للقوات المسلحة أو للحرس الوطني أو لبعض الإدارات الحساسة لفئات دون فئات أخرى؟ وأخيرا ماذا لو أتت مخرجات الانتخابات القادمة، على فرض التعديل، بما يخالف هوى الداعمين له، فهل سيطالبون بمرسوم ضرورة آخر لتغيير النظام الانتخابي من جديد؟
لهذه الأسباب وغيرها أدعو الجميع إلى الابتعاد عن الدفع باتجاه إجراء التعديل بغير الطرق المنصوص عليها بالدستور، حتى وإن كان في ذلك مصلحة آنية للبعض منّا، فما يبنى على باطل سيكون باطلا، والظروف الدقيقة التي تحيط بنا تستوجب منّا التمسك أكثر بالدستور لا التحايل عليه.