أقلامهم

بدر الديحاني: بدلًا من إضاعة الوقت الثمين في هذه المسرحية السّمجة، فإن الحل هو وقف أجهزة التنفس الصناعي عن مجلس 2009.

لا للإحالة إلى الدستورية
د. بدر الديحاني
بتاريخ 20 يونيو صدر حكم المحكمة الدستورية الذي أبطل مجلس 2012، وكان من المفترض أن تقوم الحكومة مباشرة ودون إبطاء بتنفيذ حكم المحكمة حتى لا نعاني فراغاً دستورياً لمدة طويلة، إلا أنها آثرت أن تماطل في عملية التنفيذ لعلها تصل إلى “تخريجة” تستطيع تسويقها بسهولة، مستخدمة العاملين الفئوي والطائفي حتى تتمكن من خلالها من التحكم بنتائج الانتخابات القادمة.
لهذا السبب رأينا الحكومة تستخدم “بالونات” الاختبار الواحد تلو الآخر، فمرة تسرب لإحدى الصحف تعديلاً معيناً للدوائر الانتخابية تنشره الصحيفة بناءً على “مصادر حكومية مطلعة”، ثم في اليوم التالي مباشرة تنشر صحيفة أخرى عن “مصادر حكومية مطلعة” أيضاً تعديلاً آخر مناقضاً لما ذكرته الصحيفة الأولى، وفي كل الحالات تلتزم الحكومة الصمت، وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد، رغم أن عدم النفي في العرف الصحافي يعني موافقتها على ما نشرته الصحف، بالرغم من التناقض الواضح بين ما تنشره صحيفة وأخرى!
آخر التسريبات الصحافية هو نية الحكومة الطعن في دستورية النظام الانتخابي الحالي أمام المحكمة الدستورية على اعتبار أنها اكتشفت فجأة، ويا للمصادفة!، أنه غير دستوري لأنه يخل بمبدأي العدالة والمساواة رغم مضي ست سنوات على إقراره، ورغم تأكيد بعض أهل القانون أنه قد سبق في عام 2008 أن قدم طعن من قبل بعض الأشخاص ذوي الصفة في عدم دستورية النظام الانتخابي لكن المحكمة الدستورية لم تحكم بعدم دستوريته.
وهنا قد يتبادر إلى ذهن البعض سؤال مشروع وهو: ما المشكلة في قيام الحكومة بالطعن أمام المحكمة الدستورية باعتبارها الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح؟
المشكلة باختصار هي:
1- موضوع تعديل النظام الانتخابي موضوع سياسي بحت ومن المفروض إبعاد القضاء كليا عن الدخول في أتون المنازعات والمناورات السياسية.
2- الإحالة إلى “الدستورية” الآن تعني استمرار الفراغ الدستوري لأن مجلس 2009 ساقط شعبيا وسياسيا، ومن العبث السياسي محاولة إطالة مدة بقائه لأن ذلك سيثير المزيد من الغضب الشعبي.
3- بالرغم من صعوبة صدور حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية النظام الانتخابي الحالي؛ لتعارضه كما يقول أهل القانون مع “حجية أحكام سابقة”، لكن لنفترض جدلا أن المحكمة الدستورية ستحكم بعدم دستوريته، فإن هذا معناه أنه لن يكون أمام الحكومة سوى إصدار قانون بمرسوم ضرورة لتعديل الدوائر الانتخابية، وهذا سيعيدنا إلى المربع الأول، وهو انفرادها بتعديل النظام الانتخابي، وهو الأمر المرفوض من القوى السياسية كافة بما فيها بعض القوى التي تطالب بالذهاب إلى المحكمة الدستورية.
لهذا فإنه بدلا من إضاعة الوقت الثمين في هذه المسرحية السّمجة على حد وصف الأخ الفاضل مشاري العنجري في مقاله القيّم في صحيفة “القبس” قبل عدة أسابيع، فإن الحل الذي لا يحتمل التأجيل هو وقف أجهزة التنفس الصناعي عن مجلس 2009، والدعوة إلى انتخابات عامة، ثم عرض مشروع إصلاح النظام الانتخابي بشكل جذري وشامل على أول جلسة للمجلس القادم ليتم إقراره، ومن يرد الطعن في النظام الحالي أمام المحكمة الدستورية بعد الانتخابات  فبإمكانه ذلك، ولن يكون أمام الجميع وقتذاك سوى الالتزام بحكم المحكمة.