أقلامهم

عواطف العلوي: البدون ليسوا من المواطنين ولا الوافدين، هم ببساطة مخلوقات لا تراها الحكومة.

مندهشة
أما زلتم تتساءلون.. لماذا انقطع المَطَر..؟! 
عواطف العلوي
في منتصف الستينيات، أُودِع لدى الأمم المتحدة إحصاء رسمي بعدد سكان الكويت، وحصلت منظمة الأوبك على نسخة منه، وفي ضوئه تم تحديد حصة الكويت من الإنتاج النفطي، وهذا دور عالمي مهم للأوبك في تنظيم إنتاج وبيع النفط عالميا منذ تأسيسها، فهي من وضع قواعد إنتاج البترول للدول الأعضاء استنادا إلى أسس، أحدها هو عدد سكان الدولة من مواطنين ومقيمين، وهو ما يطلق عليه (Oil production per capita) لتحديد حصة الدولة من الإنتاج، بحيث تكفي تلك الحصة لبناء الدولة ومحو الفقر ودفع الأجور للعاملين فيها، وفي نفس الوقت لا يتم تخطيها تفاديا لهدر واستنزاف موارد الدولة من خلال البيع المفرط من النفط، وذلك حفاظا على حقوق الأجيال القادمة في تلك الثروات النفطية لبلادهم، ولولا هذا التحديد المفروض على دول الأوبك، لربما قامت ببيع كل الاحتياطي النفطي المخزَّن لديها لسد مطالبها (أو سرقاتها)، تاركة للأجيال القادمة مصيرا أسود تواجهه وسنوات عجافا بعد أن جفف جشع الأجداد ضرع الثروة الرئيسية، وربما الوحيدة التي يعتمد عليها اقتصاد البلد.. ووجوده!
 والآن لنأتِ إلى لب الموضوع الذي أود التركيز عليه هنا؛ فقد قرأت أن الإحصائيات الرسمية التي تصل إلى الأمم المتحدة، ومنها إلى الأوبك منذ عام 1965 وحتى اليوم بشأن أعداد السكان في الكويت، تتضمن أعداد البدون أيضا! فالنقطة هنا أنه إن كان قد تم احتسابهم ضمن المواطنين الذين يُحسَب لهم متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للنفط، فهذا يعد مخالفة يجرِّم عليها القانون دوليا لأنه استغلال سيئ لهذه الفئة بغرض زيادة الإنتاج المحلي، بينما في الحقيقة هي محرومة من نصيبها من العائد، والأهم أنها محرومة من حق المواطنة الذي ادَّعت الكويت بإحصاءاتها أن البدون يتمتعون به!
 وإن كان احتسابهم ضمن الوافدين، فأيضا يُفترَض أن هناك حقوقا مدنية ومخصصات من عائد بيع النفط يتمتعون بها كاملة لضمان حياة كريمة لهم!
 ولكن في الواقع الفعلي، البدون ليسوا من المواطنين ولا هم من الوافدين، هم ببساطة.. لا شيء.. مخلوقات لا تراها الحكومة على الرغم من أنها سجلتهم كعدد في الكشوفات المرسلة للأوبك فقط ليدرّوا علينا بأسمائهم عوائد وخيرات ونِعم نتقلب فيها ونتمتع وهم يتفرجون علينا بحسرة المظلوم والمسلوب حقه، دون أن يسعهم فعل شيء غير رفع الأكف إلى السماء والدعاء في جنح الليل لتسري دعوتهم إلى الله، والظالمون نيام!
 إذا عُرِف السبب بطل العجب من مماطلة الحكومة وتعسفها في حل قضية البدون..!
 ثم نأتي ونستكثر عليهم أن يخرجوا وهم عزَّل في مظاهرة سلمية، ونحشد لهم قوات الأمن مدججة بكامل أسلحتها لنحرمهم.. حتى من الشكوى!!
 قلبي يغص ألما، وضميري يتوارى خجلاً بسبب ما تفعله يا بلدي!!