أقلامهم

النيباري: دخلنا مرحلة الخطر الكبير، وان ما كان يوصف بانه أزمة الكويت السياسية قد تحول إلى محن.

هل وصلت الرسالة؟
عبدالله النيباري
كتب الدكتور أحمد الخطيب، ان المسيرات الشعبية البالغة الضخامة وغير المسبوقة في تاريخ الكويت هي رسالة للنظام للالتفات الى مطالب الناس بالاصلاح.
اتمنى الا تكون قد وصلت، واذا وصلت أتمنى انها لم تقرأ اذا كانت كتابة، ولم تشاهد اذا كانت صورا منقولة عبر شاشات القنوات العالمية، واذا قد حصل ذلك او أنها نقلت شفويا، اتمنى انها في مرحلة الدرس والاستيعاب.
أما اذا كان واقع الحال خلافا لتوقعاتي او تمنياتي، فمعنى ذلك اننا قد دخلنا مرحلة الخطر الكبير، وان ما كان يوصف بانه أزمة الكويت السياسية قد تحول إلى محن، ومعنى المحنة هو الحالة المستعصية التي يصعب الخروج منها.
ما حصل مساء الاحد الماضي في الكويت امر كبير وخطير جدا، هو حدث كبير لانه لم يحدث في تاريخ الكويت ان تدفق الناس من كل شرائح المجتمع الكويتي نساء ورجالا.. لم يحدث ان تدفقوا بهذه الاعداد الضخمة للتعبير عن استيائهم واحتجاجهم على ما آلت إليه الاوضاع في الكويت من سوء الإدارة الحكومية وتراكم أعداد المطالبين بوظيفة وتمدد طول طابور المنتظرين للحصول على سكن، ويضاف إليه انتشار الفساد الذي استشرى وزاد عما كان عليه عندما اطلق الشيخ صباح الأحمد امير البلاد ورئيس الدولة، عندما كان وزيرا للخارجية ورئيسا للوزراء لمبادرته: «الفساد في البلدية او البلد لا تحمله الجمال»، اتسعت رقعة الفساد وتضخمت اضعافا، منذ اطلق ذلك الشعار واصبح حجم الفساد أكبر من ان تحملة ناقلات النفط العملاقة.
بشاعة
لم يكن ذلك كافيا ولم يقتصر الفساد على تضخم الحجم، وانما ازداد بشاعة ووقاحة لدرجة ان كُشف عن شيكات صدرت من مسؤولين كبار لنواب في مجلس الامة تحت ذرائع لا يصدقها الاطفال السذج.
في الصيف الماضي انفجرت فضيحة الايداعات المليونية النقدية في حسابات عدد من نواب الأغلبية الذين مرروا مواقف يندى لها الجبين في مخالفة الدستور من جلسات استجواب سرية واحالة الاستجوابات الى المحكمة الدستورية، والممارسات والمحاولات الكثيرة لإضعاف وربما إلغاء رقابة مجلس الامة حتى في حدودها الدنيا لكي يفسح المجال سداح مداح لتنوع اشكال الفساد وادواته.
فضيحة
فضيحة القبيضة الثلاثة عشر التي كشفتها مبادرة جريدة القبس استفزت لبشاعتها وقبحها كل صاحب ضمير من ابناء الكويت وكل من يهتم بالشأن الكويتي بما فيه صحف الولايات المتحدة واوروبا.
تلك الفضيحة البشعة هي التي ادت الى حركة الاحتجاج في ساحة الارادة في صيف عام 2011، وعندما تضخم عدد المحتجين حتى وصل الى خمسين الفا او يزيد، وهو امر غير مسبوق في تاريخ الكويت، استجابت القيادة السياسية وأقالت ونحت رئيس الوزراء وأتت برئيس وزراء جديد وحكومة جديدة، واصدرت الحكومة مرسوما صادق عليه الامير بحل مجلس 2009، ثم توالت الاحداث كما يعرفها الجميع الى ان وصلنا الى قرار المحكمة الدستورية برفض الطعن المقدم من الحكومة في قانون الانتخابات خمس دوائر بأربعة اصوات الذي ادعت فيه انها تريد تحصين القانون. وتنفس البلد الصعداء بعد تحصين القانون دستوريا كما جاء في مبررات الحكومة.
أول من يكسره
وفجأة تطلع علينا الحكومة التي قالت انها تنشد تحصين القانون لتكون هي اول من يكسر هذه الحصانة وتصدر مرسوما بتعديل قانون الانتخابات النافذ والساري، وتدخل تعديلات من شأنها كما يقول جاسم السعدون ان تأتي نتائج الانتخابات بمجلس أمة على هوى الحكومة في حين ان القاعدة الديموقراطية، والتي تضمنها دستورنا، هو ان تأتي الحكومة على هوى المجلس، وليس العكس، وإلا كيف تفعّل الرقابة البرلمانية على الحكومة، اذا كان المجلس من صنعها وإنتاج آلياتها التي ابتكرتها تعديلاتها.
فاض الكيل
لكل ذلك فاض الكيل بالناس، وخرجت الجماهير بأعداد هائلة فاجأت كل الناس والعالم أجمع، وتحدثت القنوات الفضائية البي. بي. سي، وفرانس 24، ووكالات الأنباء رويترز وغيرها، إضافة الى وسائل الإعلام العربية، قنوات وصحف وإذاعات، ولم يقل تقدير أي من هذه الجهات عن ان ضخامة التجمعات والمسيرات وصل الى أكثر من خمسين ألفا، وبعضهم قدرها بنحو مائة ألف أكثر أو أقل قليلاً.
الكل بما فيه سفراء الدول الأجنبية الكبرى حلفاء الكويت، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها.
رسالة
الكل قال ويقول ان الرسالة كما وصلت في أواخر العام الماضي وصلت الآن، ويبنون على ذلك احتمال ان تتراجع السلطات العليا عن موقفها، وتتجه الى مصالحة الجماهير لا اللجوء الى قمعها بالقوة المفرطة. فذلك لن يؤدي إلا الى تصاعد حالة اللهب لا إطفائه!
لكل ذلك أقول أو أتمنى انه قد يكون مازال في الوقت على قصره متسع، اما اذا كان الأمر غير ذلك، فإنا لله وإنا إليه راجعون.. نحن سنكون في أتون محنة كبيرة.