أقلامهم

سلطان العنزي: اسمح لي يا «بوحمود»، فأنت لست في السجن، بل نحن المسجونون في دوامة الخلل

ضميري في السجن 
سلطان شفاقة العنزي 
اسمح لي يا مسلم البراك، فأنت لست في السجن، فأنا المسجون منذ سنين، لا شخصك الكريم، انا المواطن البسيط، انا رب العائلة الكبيرة التي ضاقت بها شقق الايجار ومازال ينتظر دوره في الاسكان منذ 10 سنين! انا الام التي تعمل في النهار وتربي وتدرس وتهذب اطفالها في المساء، فلا راحة ولا استجمام! انا الابن الجامعي الذي يدرس في جامعة متهالكة ويحلم بمدينة جامعية مبنية من سراب! انا الابنة المتفوقة في الثانوية والتي لا تعلم ان كانت ستدرس في جامعة ام ستكون من ضحايا ازمة القبول! انا الابن الصغير الذي يدرس في المدارس الخاصة مع ابناء كبار المسؤولين في وزارة التربية، فما اجملها من شهادة بفشل التعليم الحكومي في بلدي! انا الطفل الذي اذا مرض اخذه والداه الى مستشفى خاص فأصبحت الصحة الحكومية كابوسا لا اتمنى لقاءه!
اسمح لي يا «بوحمود»، فأنت لست في السجن، بل نحن المسجونون في دوامة الخلل، نحن الشعب الذي وقف مع حكومته في اشد محناتها اثناء الغزو الغاشم، فكافأتنا الحكومة بحل المجالس وتخويف الشرفاء واعتقال الاحرار، فانخفض مؤشر الحرية في بلدي، وبالمقابل ارتفع مؤشر الفساد، فاختفت مظاهر التنمية (مع ميزانيتها الضخمة)، وتلاشت احلام المدن السكنية والصحية والجامعية والمراكز المالية، وأصبحت اخبارنا مليئة بتسرب الغاز وتسمم المياه وانتشار الامراض وتلوث الهواء! وانتهى زمن الثقافة والسياحة والادب والفن والرياضة، وبدأ زمن التخوين والتشكيك والشتم والتنابز بالالقاب.
اسمح لي يا «بوحمود»، فأنا سبب كل ما سبق! انا من صوت لنائب غير صالح بسبب انه من قبيلتي، انا من صوت لنائب غير صالح لانه من طائفتي، انا من صوت لنائب غير صالح لانه من فئتي! اعذرني يا «بوحمود»، فنحن من تقاعسنا عن محاسبة الحكومة لسنوات طويلة حتى اعتادت على سكوتنا وامنت ردة فعلنا، اسمح لي يا «بوحمود»، فأنا المسجون وليس انت، فهل من كفيل يخرجني من سجني؟ والله ولي التوفيق.