أقلامهم

فيصل أبوصليب: ليس من اللائق للكويت أن تتعامل مع حراك الرأي العام بالتخوين وتلفيق التهم.

كلمات
تُهم معلبة
كتب د. فيصل أبوصليب
 
الكل يريد مصلحة البلد، لا أحد لا يريد ذلك، ولكن كلٌ يراها من زاويته ومنظوره, وليس المهم الاختلاف، فهذا أمرٌ صحي في أي مجتمع ديمقراطي، ولكن ما هو سيئ ومقيت تخوين بعضنا البعض، وإلقاء التهم جزافا على الآخرين، تارةً بأنهم يسعون لقلب نظام الحكم، وتارةً بأنهم ينفذون مخططا خارجيا لإحداث بلبلة وفوضى في البلد، الفوضى الخلاقة التي ستوصلهم للحكم، وموجة التخوين واتهام الآخرين بالولاءات الخارجية ليست جديدة في الكويت، ولكنها قديمة، ومستهلكة من قبل الحكومة، ولكن في كل مرة يتغير المتهم فيها، ففي تجربة المجلس التشريعي في الثلاثينيات، كانت الكتلة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي متواطئين مع الملك غازي ويسعون لضم الكويت للعراق! هكذا كانت التهمة التي تم قمع التجربة على أساسها، ولا نعرف إلى غاية اليوم مدى صحتها، وفي الثمانينات وبعد الثورة الإيرانية، اتُهمت القوى السياسية الشيعية بالولاء لإيران وتنفيذ مخططها في تصدير الثورة ! ومورس التعسف الحكومي بقسوة تجاه أفرادها، واليوم هو زمن الاخوان، خصوصا بعد ثورات الربيع العربي التي أوصلتهم للحكم في تونس والأهم في مصر، حتى ولو كان وصولهم عن طريق صناديق الاقتراع وليس عن طريق الانقلابات، لا يهم، المهم هو تشويه ما حصل في ثورات الربيع العربي وتخويف الناس هنا في الخليج والكويت من خطر هذا الربيع والاخوان، ووصم كل حراك يطالب بإصلاح سياسي بأنه مخطط إخواني لقلب أنظمة الحكم في الخليج، بدأت هذه التهم في الإمارات، وانتقلت مؤخرا للكويت ليوصف الحراك السياسي الذي تعيشه هذه الأيام بأنه من صنع جماعة الأخوان المسلمين الذين يهدفون لقلب نظام الحكم فيها، والحكومة تعلم قبل غيرها زيف هذه الادعاءات وكذبها، فالاخوان هم من مد يد العون للحكومة في صراعها السياسي مع القوى الوطنية والقومية المعارضة منذ بداية السبعينيات، والأهم من ذلك بأن الأخوان هم من أنقذ المؤتمر الشعبي في جدة من الفشل، وساهم بشكلٍ فاعل في خروج بيانه الختامي، عندما كانت الحكومة في المنفى، والأخوان هم من أسس لجان التكافل الاجتماعي في الكويت أثناء الغزو، وهم من دافع عنها مع بقية أفراد الشعب الكويتي ضد المحتل. الحكومة تعلم كل ذلك، ولكن هذه هي قواعد اللعبة السياسية، تحالف، وعداء، وأعداء الأمس أصبحوا هم حلفاء اليوم، وحلفاء الأمس تحولوا ليصبحوا هم أعداء اليوم. فالكويت تتأثر بما يحدث حولها من متغيرات إقليمية، وتشكل سياستها داخليا على هذا الأساس، ولكن يبقى أن تعرف الحكومة بأن سياسة التخوين وتلفيق التهم والحديث عن المؤامرات الخارجية هي طبيعة الأنظمة الفردية والقمعية، وليس من اللائق للكويت وهي صاحبة التجربة الديمقراطية الرائدة في المنطقة أن تتعامل مع حراك الرأي العام فيها بهذه الصورة.